وائل مهدي
صحافي سعودي متخصص في النفط وأسواق الطاقة، عمل في صحف سعودية وخليجية. انتقل للعمل مراسلاً لوكالة "بلومبرغ"، حيث عمل على تغطية اجتماعات "أوبك" وأسواق الطاقة. وهو مؤلف مشارك لكتاب "أوبك في عالم النفط الصخري: إلى أين؟".
TT

صندوق الاستثمارات بين «لوسيد» و «أوستن مارتن»

استمع إلى المقالة

عندما تم إدراج شركة لوسيد للسيارات الكهربائية في 2021 كان صندوق الاستثمارات العامة الذي يمتلك حينها حصة في الشركة قدرها 60 في المائة، يرى هذه الشركة قصة نجاح كبيرة بعدما وصلت قيمة هذه الحصة إلى 55 مليار دولار.

والآن بعد كل هذه المدة ومع تراجع سهم الشركة هبطت هذه الحصة إلى 5.4 مليار دولار حالياً ولكنها لا تعد خسارة بعد للصندوق؛ لأنها تقريباً قيمة الاستثمار الأصلي نفسها في الشركة، رغم أن الخسارة الدفترية من هبوط سعر السهم في حدود 50 مليار دولار.

لوسيد تتعرض لهجوم شديد في وسائل الإعلام الاقتصادية العالمية لسببين؛ الأول لأنها تنزف كثيرا من المال ولا تستطيع اللحاق بمنافسيها مثل تسلا وريفيان، من ناحية حجم التصنيع والإيرادات وكفاءة الإنفاق.

وللأسف لم تستطع لوسيد حتى الآن إقناع المساهمين بأنها سوف تستطيع فعل شيء، بل إن توقعات إنتاجها أصبحت أقل من قبل وقد لا تستطيع الشركة إنتاج أكثر من 8500 سيارة من مصنعها في الولايات المتحدة. وحتى صفقة الحكومة السعودية لشراء 100 ألف سيارة من لوسيد على مدى عقد من الزمن ليست كافية حالياً للمستثمرين للاقتناع بمستقبل الشركة.

أما السبب الآخر فهو أنها استثمار لصندوق الاستثمارات العامة، وكل استثمار للصندوق خارج السعودية في الغالب هو استثمار ينظر إليه الجميع بكثير من التشكيك على اعتبار أن الصندوق بجهازه الحديث هو صندوق قليل الخبرة ولا يمتلك الرؤية الكافية والخبرة للدخول في استثمارات طويلة.

وقد يكون جزء من هذه النظرة إلى الصندوق نتيجة نظرتهم إلى أن السعودية لم يعرف عنها أنها دولة تعرف كيف تستثمر في الخارج، وهذا ليس غريباً على بلد كان قبل رؤية 2030 يكتفي بإنفاق إيرادات النفط على الواردات الأجنبية وعلى الإنفاق داخلياً.

كل هذا منطقي ولكنه ليس مبررا... لماذا؟ لأن الإعلام الاقتصادي لا يرى الجزء الاستراتيجي من الصفقة وتركيزه على الجزء المالي منها.

وهنا نريد أن نفكر، أين مستقبل لوسيد التي لديها نوع واحد من السيارات الكهربائية بسعر عال (100 ألف دولار للواحدة)، وعما قريب سيكون لديها نوع آخر، فيما باقي الشركات المنافسة تنتج أنواعا مختلفة من السيارات بأسعار أكثر تنافسية؟

مستقبل لوسيد ليس في مبيعات لوسيد فقط، بل في توسع أعمالها مع أوستن مارتن، وهي شركة أخرى يساهم فيها صندوق الاستثمارات العامة، الذي رفع حصته فيها قبل أيام من 17.9 إلى 20.5 في المائة، وفي الوقت ذاته دخلت لوسيد بحصة 3.44 في المائة في لوسيد.

أوستن مارتن سيارة رياضية فارهة الكل يعرفها لأنها السيارة المفضلة لدى العميل البريطاني جيمس بوند، ولكنها لا تستطيع أن تصبح سيارة منافسة في سوق السيارات الكهربائية؛ لأن بطاريات السيارات الكهربائية الحالية لا تستطيع تحمل سيارة بوزن سيارات أوستن مارتن ولا توليد القوة الكافية لها لتكون سيارة رياضية سريعة.

لكن لحسن الحظ، لوسيد لديها هذه التقنية، ولهذا من خلال الشراكة ستبيع لوسيد المزيد من البطاريات إلى أوستن مارتن لتساعدها على المنافسة بقوة في هذه السوق. هناك جانب استراتيجي لا نراه ولا نستطيع حالياً تقييم قيمته المالية ولكنه موجود، وهو ما يجعل الصندوق ولوسيد يشتريان أسهم أوستن مارتن.

بالطبع هذا لا يكفي للمستثمرين للتمسك بسهم لوسيد، وعندها قد يكون أجدى للصندوق أخذ الشركة لتكون خاصة من جديد من خلال شراء الأسهم في السوق. لكن يجب أن يتحلى الجميع بالإيمان بمستقبل لوسيد.