جوسلين إيليا
إعلامية وصحافية لبنانية عملت مقدمة تلفزيونية لعدة سنوات في لندن وبيروت، متخصصة في مجال السياحة.
TT

بوتوكس إلكتروني!

اليوم أود التكلم عن هوسنا بأنفسنا وصورنا وشكلنا الخارجي لدرجة أن بعض أهل الـ«فيسبوك» و«إنستغرام» و«سناب تشات» يرفضون نشر صورهم قبل إجراء تعديلات تجميلية عليها من خلال الاستعانة بتطبيقات خاصة، مثل «فايس تيون» و«يو كام ميكاب» وغيرهما من التطبيقات التي تجعل الصورة أكثر نقاء وبها تبدو البشرة أكثر نضارة، والوجه خاليًا من التجاعيد، والعينين أوسع، لدرجة أن أي مستخدم لها يمكنه أو يمكنها وضع رموش اصطناعية وظل عيون وأحمر شفاه، إضافة إلى تصغير الأنف وحتى إجراء تعديلات على شكل الوجه بشكل عام وطبعًا إضافة الإكسسوارات.. ما يمكنك أن تقوم به من خلال هذه «المعجزة» التي تسمى «تطبيق إلكتروني» لا ينتهي هنا لأن اللائحة تطول ولا يمكن أن نختصرها في سطور، ولكن ما يمكن أن نقوم به هو أن نسأل أنفسنا: ما فائدة أن نبدو أجمل في الصور مما نحن عليه في الحقيقة؟ فهل يعقل أن يكون هناك وجه من دون خط يعبر عن الابتسامة وآخر يعبر عن الحزن؟ بالطبع لا، ولكن كيف يمكن أن يقتنع صاحب الصورة بأن إجراء عملية تجميلية من خلال تطبيق سوف تحسن نفسيته تمامًا مثلما يفعل مبضع طبيب التجميل، أو بالأحرى ما يقنع نفسه به الشخص القائم بالعملية؟! أنا لست ضد عمليات التجميل وأؤمن أنها حق شخصي لكل من يرى أن هناك إمكانية للتحسين، فلمَ لا؟ إنما المشكلة هنا هي في طريقة تفكير البعض الذين يهتمون بالصورة متناسين أنها لا تشبههم على الإطلاق، وعندما تلتقي بهؤلاء شخصيًا، أول ما سيخطر على بالك هو: «يا إلهي، الصورة أجمل بكثير من الواقع».
برأيي المتواضع والصريح، من الأفضل أن نبدو أجمل في الحقيقة، لأن هذا هو واقع شكلنا، فما فائدة جني «اللايكات» لصورة جذابة لا تشبهنا؟ بصراحة لا أعرف، ولكن ما أعرفه وما أستغرب منه علمًا بأنني لا أستغرب وجود مثل هذه الأشياء في لوس أنجليس هو وجود مهنة معتمدة في بيفرلي هيلز يطلق عليها اسم «معلمة سيلفي» وتعني إعطاء حصص ودروس في كيفية أخذ صور «السيلفي» التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من لحظاتنا اليومية التي ترصدها كاميرات هواتفنا الجوالة.. هذه ليست كذبة، لأننا لا نزال في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) ولسنا في شهر أبريل (نيسان) لكي تشككوا في مصداقية ما أقوله! نعم هناك من يقوم بهذه المهنة ويتقاضى مبلغ مائتي دولار أميركي لقاء ساعة تعليم واحدة، ويضاف إليها رسوم أخرى في حال أراد «التلميذ المجتهد» التعرف إلى كيفية تحسين الصورة وتعلم أصول «الروتوش».
لا أخفي عليكم سرًا بأني تفاجأت الأسبوع الماضي بصورة صديقة مقربة مني نشرت صورتها على موقع «فيسبوك»، صدقوني لم أستطع التعرف إليها لأنها كانت تبدو وكأنها شخص آخر، مع العلم بأن الصورة تحمل اسمها، وبالفعل سألت وعرفت حينها أنها أصبحت من المدمنين على هذا التطبيق الذي لا يتطابق مع الواقع ولا الحقيقة.
في النهاية، الله جميل يحب الجمال، ولكن لا أحد يحب الغش، خصوصًا إذا كنا نغش أنفسنا ونخدع مرآتنا، وما يقوله فينا غيرنا يقال في الخفاء، وما خفي كان أعظم، فاجعلوا الصور تعكس نقاوة ما في باطنكم بدلاً من أن تكون نقية من شوائب الإضاءة، فمن يحبك لا يلاحظ إلا جمال روحك الحقيقية كما هي «بلا روتوش» وبلا «بوتوكس إلكتروني».