جوسلين إيليا
إعلامية وصحافية لبنانية عملت مقدمة تلفزيونية لعدة سنوات في لندن وبيروت، متخصصة في مجال السياحة.
TT

عقاب النقاب

موضوع النقاب ومنعه في بلدان أوروبية مثل فرنسا وبلجيكا، عاد من جديد ليتصدر الصحف البريطانية، وهذه المرة الأمر أشبه بإيقاظ المارد، فالمسألة تخطت حدودها بعدما أحدثت امرأة منقبة زوبعة حقيقية عندما رفضت نزع النقاب والكشف عن وجهها بطلب من قاضي المحكمة التي كانت تدلي بشهادتها فيها في منطقة برمنغهام في شمال بريطانيا.
ولم تخل صحيفة من خبر المنقبة والنقاب والعقاب.. وتبعيات جدل واسع ما بين مؤيد ومعارض على شبكات التواصل الاجتماعي، وتعليقات على القصص التي نشرت على الإنترنت حول الموضوع.
مسألة النقاب حساسة جدا، ويتحاشى البريطانيون التكلم بأمور مرتبطة بشكل أو بآخر بالدين، ولكن أزمة النقاب تتفاقم، والبعض يرى أن النقاب أو أي لباس آخر هو حق شخصي لأي إنسان، ولكن التعليقات كانت تصب كلها في نهاية المطاف في مقولة «لكل مقام مقال»، بمعنى آخر: لا يجوز ارتداء النقاب وتغطية الوجه في أماكن معينة، مثل المحاكم أو المطارات أو أي مكان آخر يتحتم فيه التعرف إلى الوجه لتحديد هوية الشخص، وكانت هناك تعليقات أيضا من بريطانيين (مسلمين وغير مسلمين) عبروا فيها عن استيائهم من تسليط الضوء في البرلمان على هذه المسألة، في حين أن هناك أشياء كثيرة أخرى بحاجة إلى المراجعة في البلاد، وكانت هناك فئة من البريطانيين أيضا ترى أن اختيار الملابس لا يجوز بأن يفرض على أي شخص، وإلا فيجب منع ارتداء البنطال والملابس الفاضحة في الأماكن العامة.
ووصلت المسألة إلى البرلمان في بريطانيا وقال نائب رئيس الوزراء نيك كليغ إنه قلق بسبب مسألة المسلمات المنقبات في المدارس وفي المطارات، وجاء تعليق كليغ بعد طرح الوزير جيريمي براون نظرية يرى فيها أنه يجب على الحكومة منع النقاب المفروض على المسلمات بالقوة.
في عام 2011 قامت الدنيا ولم تقعد في فرنسا بعدما جرى فرض غرامة على كل امرأة منقبة، ومنع النقاب في الأماكن العامة، ومضت بلجيكا على خطى فرنسا وقامت هي الأخرى بمنع النقاب، وحينها أتذكر البعض وهم يعلقون بأن قرار فرنسا سيؤثر على السياحة سلبا، إلا أنه في الواقع أثبتت الأرقام عكس ذلك، إذ حقق عام 2011 رقما قياسيا من حيث الزوار، ووصل عدد السياح إلى أكثر من 81 مليون سائح، وكان على رأسهم الروسيون والصينيون والبرازيليون.
وفي ظل الأحوال الاقتصادية الرديئة في العالم والتي تطال بريطانيا هناك تخوف من إثارة موضوع النقاب من جديد لأسباب عديدة، من بينها خدش مشاعر السائحات المنقبات.
المسألة هي فعلا شائكة، ولكن لا أظن أنها قد تؤثر على السياحة في بريطانيا، لأن السيدة التي أحدثت زوبعة في فنجان هي بريطانية ومقيمة في برمنغهام.
هناك عدة أسئلة يمكنني إنهاء كلمتي فيها، منها: هل يا ترى يحق للمجتمعات فرض وجهات نظرها على الناس فيما يخص هندامهم وأزياءهم؟ أو: هل يجوز أن يفرض المرء هندامه على المجتمع؟ أو: هل المسألة تتعدى العقاب بسبب النقاب؟