محمد مصطفى أبو شامة
كاتب وصحافي مصري
TT

الحمار في المطار

على عكس السائد، تعاملتُ بجدية مع قصة ظهور «الحمار» في مطار القاهرة الدولي، التي تصدرت أجندة الإعلام المصري قبل أيام. ربما يرجع ذلك إلى المكانة التي شغلها «الحمار» في قلبي بفضل أستاذنا ومفكرنا الكبير توفيق الحكيم، الذي جعل منه ندّا ونديمًا ومحاورًا في بعض كتبه، بل إن الحكيم كرم حماره وارتقى به ليجعله بطلا لأحد هذه الكتب والذي جاء بعنوان: «حمار الحكيم».
لهذا حزنت من استخفاف عدد من الزملاء الإعلاميين بقدرة هذا الحمار على الوصول إلى المطار، وبالغ بعضهم في السخرية منه، ومن إدارة المطار، إلى حد جعلهم يتناسون حكمة الظهور المفاجئ له في هذا التوقيت تحديدا من تاريخ أمتنا.
وربما لو انتظروا أياما أخرى لأدركوا مغزى هذا الظهور، فقد تحول المطار إلى «لوكيشين» إعلامي بارز، وأصبح ما يدور فيه هو الأعلى والأكثر مشاهدة على مواقع التواصل الاجتماعي وفي معظم وسائل الإعلام، بعد أن انفجرت قضية «سيدة المطار» ياسمين النرش بـ«كليباتها» ووصلات ردحها المقززة التي أفرغتها من جوفها في وجه أحد ضباط المطار «المساكين».
ويضعنا ثلاثي «الحمار والنرش والضابط»، في موقف لا نحسد عليه إذا حاولنا أن نجتهد في البحث عن إجابة لما يحدث في هذا المنفذ الحدودي الأهم، الذي يستقبل ويودع يوميا آلاف المسافرين من وإلى مصر، أو إذا حاولنا الإجابة على أسئلة أخرى أكثر تعقيدا تدفع كثيرين من أبناء هذا الوطن للتفكير في الهروب من مصر.. مثل الحمار.
وربما لا تزال مقدمة أستاذنا توفيق الحكيم في كتابه سابق الذكر، التي نسبها إلى «أسطورة قديمة»، صالحة لتفسير مشاهد كثيرة، نتوقف أمامها غير «مستوعبين» أو «مصدقين»، ونتمنى وقتها أن نكون فعلا مثل «الحمار».
وإليكم المقدمة كما وردت في كتاب «حمار الحكيم»: «قال حمار الحكيم (توما): متى ينصف الزمان.. فأركب؟ فأنا جاهل بسيط، وصاحبي جاهل مركب، فقيل له: وما الفرق بين الجاهل البسيط والجاهل المركب؟ فقال الحمار: الجاهل البسيط هو من يعلم أنه جاهل، أما الجاهل المركب، فهو من يجهل أنه جاهل».