مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

عفونة العقل حسب إيلون ماسك

استمع إلى المقالة

ثمة مثل شعبي مصري يقول: «اللي حضّر العفريت... يصرفه!».

هل هذا هو لسان حال عمالقة ملاك السوشيال ميديا ومخططي مستقبلها؟!

أحد صناع عالمنا الجديد، هو إيلون ماسك وحين يكون الرأي حول أثر السوشيال ميديا، أو أحد آثارها، يصبح الانتباه لما يقوله واجباً، فهو ليس رأي عالم وقور مراقب للسلوك البشري في صومعته العلمية، يهزأ منه التافهون وصناع التفاهة، بل هو رأي أحد كبار كهنة المعبد الرقمي الجديد.

في بودكاست مع كيتي ميلر على «يوتيوب» ورداً على سؤال حول «ما هو الاختراع الذي جعل البشر في وضع أسوأ»؟

أجاب ماسك: «أعتقد أنها الفيديوهات القصيرة»، في إشارة إلى فيديوهات «تيك توك» و«إنستغرام» و«يوتيوب» و«سناب شات» القصيرة.

وشرح رأيه ذلك بالقول إن تلك المقاطع المصورة القصيرة أفسدت عقول البشر، و«عفّنت» تفكير الناس، وفق تعبيره.

في موازاة رأي إيلون ماسك هذا، أقدمت دولة غربية «ديمقراطية» كبيرة، هي أستراليا، على قرار نوعي سيكون له صداه الجهير حيناً من الدهر.

أستراليا منعت رسمياً على مَن هم دون سن الـ16 استعمال منصات التواصل على أنواعها!

بل أعلنت شركة «إكس» التي يملكها ماسك، أنها ستلتزم بالحظر الأسترالي الذي يمنع مَن هم دون 16 عاماً من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. وذكرت، في بيان مع دخول القرار الرائد عالمياً حيز التنفيذ، أن «ذلك ليس خيارها، بل ما يتطلبه القانون الأسترالي». وكانت «إكس» آخر منصة من بين 10 مواقع للتواصل الاجتماعي شملها القرار، تحدد كيف ستنفذ الحظر الأسترالي.

لماذا كل هذا الاستنفار والحراك؟!

حسب تقرير راصد لـ«العربية نت»، فقد كشفت دراسة حديثة أن زيادة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي من قبل الأطفال تضر بمستويات تركيزهم وقد تسهم في ارتفاع حالات اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD).

وفي تقديري أن الضرر ليس محصوراً في عافية عقول ونفوس الأطفال، وإن كان ذلك يكفي ضرراً، ولكنه يسري إلى العقل البشري العام؛ حيث تتكرس السطحية والعجلة والخفة والضجر والاستهلاك الشره واستباحة حيوات الناس، والتصعيد في إثارة الانتباه للحصول على أرقام متابعة وإعجاب واشتراك أعلى. هذه السمات المدمرة تكون على حساب نقيضها مثل الأناة والعمق والاحترام وصون الخصوصية وتعزيز القيم غير النفعية وهيمنة السلوك الاستعراضي الجارف.

فأي الضفتين نريد؟! أو تريد لأطفالك إذا كبروا...

نحن في العالم العربي - للأسف - مثل كثير من المجتمعات بالعالم، جهات تتلقى ما يأتي من الغرب بتسليم صوفي أعمى من دون تأمل... فلعل «شيخ الطريقة» الغربي إن غيّر... غيّرنا!