طلال الحمود
إعلامي وكاتب سعودي، رئيس تحرير الأخبار الرياضية في قناة العربية.
TT

السجل الاستثنائي

ما زال أنصار الأندية السعودية ينتظرون إنهاء الجدل بشأن التوثيق الرسمي للبطولات المحلية، وحسم القضية المعلقة منذ سنوات، بسبب التعصب الرياضي وميل بعض المؤرخين والإعلاميين إلى مجاملة المشجعين بالعزف على وتر الرغبات، من خلال التلاعب بالتاريخ وتحريف الحقائق، بدرجة بلغت مرحلة العبث والتزييف لخدمة أندية على حساب بقية المنافسين.

واللافت أن هذه الموجة خلطت الحابل بالنابل، وخلقت حالاً لا شبيه لها في العالم، بعدما أصبحت البطولات المثبتة محل شك، وصل إلى المتوجين بها، إذ لا خلاف على أن الهلال أكثر الأندية فوزاً ببطولة الدوري السعودي، ولا يمكن إثبات عكس هذه الحقيقة إلا بالتزوير، وفي المقابل يمارس المتعاطفون مع النادي العاصمي تحريف الحقائق طمعاً بمزيد من الألقاب، ما خلق ردة فعل لدى المنافسين، قادتهم إلى الكفر بما جاء في السجلات الرسمية للبطولات المحلية والإقليمية والقارية حتى الكونية مستقبلاً!

ويمكن للمتابع أن يستوعب رفض بعض الأندية للتاريخ الرسمي ومحاولة استبدال الحقائق بمعلومات تصبّ في صالحها، غير أن الذي لا يمكن فهمه دخول أصحاب الإنجازات الموثقة على خط التحريف لخلط الأوراق والمساهمة في تعقيد الخلاف بطريقة جعلت إنجازات الهلال مثلاً عرضة للتشكيك بفعل من يريدون خدمته، إذ يصرّ هؤلاء على أنه حصل على بطولة دوري أبطال آسيا 4 مرات، وأحياناً يرفعون السقف للحديث عن نيل اللقب للمرة الثامنة، مع أن الوثائق الرسمية للاتحاد الآسيوي تمنح النادي السعودي لقبين في بطولة الأندية أبطال الدوري، ومثلهما في مسابقتي الأندية أبطال الكؤوس والسوبر ودوري أبطال آسيا، ما جعل الهلال أحد المتهمين بخلط الأوراق على الرغم من تفوقه الواضح في حصيلة الإنجازات.

وإذا كان هذا حال الهلال أكثر الأندية السعودية فوزاً بالألقاب محلياً وخارجياً، فلا عجب أن يطالب عشاق النصر باعتماد فوزه ببطولة الدوري المحلي 17 مرة، ومثله الأهلي الذي يرى أنصاره أحقية ناديهم بأن يكون الأكثر تتويجاً بالدوري إلى جانب الكأس، ما يفتح الباب مستقبلاً أمام مشجعي الاتحاد والوحدة والشباب والاتفاق للمطالبة بنصيبهم من فوضى التوثيق باحتساب تصفيات المناطق ودورات المصيف والمباريات ضد فرق البحارة ضمن السجل الرسمي لأبطال الدوري السعودي!

ومع أن لجنة التوثيق الجديدة بدأت أعمالها لترتيب الماضي وتصحيح المعلومات الخاطئة، فإن احتمال نجاحها ونيل ثقة الوسط الرياضي يبدو ضعيفاً، لاعتبار أنها بدأت في مراجعة الحقائق المثبتة، ومن أهمها التاريخ الرسمي لانطلاق بطولة الدوري السعودي في موسم 1976 – 1977، علماً أن هذه الحقيقة لا يمكن إثارة الجدل حولها بعدما أكدت محاضر اجتماعات اتحاد كرة القدم وقرارات الرئاسة العامة لرعاية الشباب تاريخ التحضير لبدء بطولة «الدوري العام» من خلال تنظيم دورة لتصنيف الأندية تمهيداً لإطلاق البطولة الوطنية التي تأخر ميلادها طويلاً، منذ أن جاء عبد الرحمن فوزي إلى الرياض في الخمسينات بطلب من الأمير عبد الله الفيصل للمساعدة في إقامة «الدوري العام» الذي أطلقه فوزي سابقا في مصر عام 1948، قبل أن يحاول تكرار التجربة في السعودية، لكنه فشل أكثر من مرة بسبب التأجيل وعدم توفر الإمكانات حينها.

ويبقى الجدل بشأن توثيق بطولات الأندية إشكالية مستمرة، خلقتها الأندية نفسها، ونفخ فيها المتعصبون من مشجعين وإعلاميين وبعض المسؤولين أحياناً، ما يجعل الإفراج عن نتائج لجنة التوثيق مجرد بداية لجولة جديدة من الجدل العقيم والتراشق الإعلامي الذي لن يفلح بتغيير الحقائق واستبدالها بمعلومات يدرك العقلاء أنها غير صحيحة، بشهادة تاريخ الاتحاد السعودي لكرة القدم.