> تردد أيام حكم الراحل صدّام حسين أنه تساءل ذات مرّة عن السبب في عدم وجود نُقّاد سينما عراقيين. بعد أيام صدر أمر حكومي بـ«إنشاء نقاد سينما عراقيين».
> إنشاء نقاد ليس أمراً يجري بقرار، بل يحتاج إلى منهج كامل من التثفيف يأخذ في عين الاعتبار صلاحية الناقد المزمع للمهنة التي يريد. وهذه الصلاحية تشمل مشاهدة كل الأفلام، (قديمة وحديثة وفي كل نوع). قراءة كل التاريخ. دراسة كل النظريات ومعرفة تفاصيل العمل السينمائي قلباً وقالباً.
> هكذا يمكن خلق ناقد سينمائي جيد وملم ويمكن الوثوق به. عدا ذلك هو كاتب آراء نقدية لديه مرجعيات معيّنة يغلب عليها استيحاءات (حتى لا نقول ترجمات) من كتابات غربية.
> هناك حاجة لجيل جديد من النقاد بالفعل. جيل يرث الجيل الحالي كما ورث الجيل الحالي ذلك الذي سبقه. لكن المشكلة هي أن التراجم لا تكفي لملء صفحات وكتب، ومشاهدة الأفلام الحديثة لا تمنح الكاتب المعرفة.
> تعلّم الجيلان السابقان من قممٍ ميّزت تاريخ السينما بكثيرٍ من المخرجين المبدعين وليس مجرد منفّذين لأفلام من الصور المتحركة. أساتذة هذين الجيلين كانوا: فلليني، وتاركوڤسكي، وأوزو، ورنوار، وأبو سيف، وغودار، ورينيه، وهيتشكوك، وألتمن وعشرات آخرين.
> كانت هناك ثقافة سينمائية شاملة. مجلات وكتب تنبش في كل التفاصيل والجوانب. نوادي سينما. إنتاجات بديلة. جمهور ضخم لا يؤمن بالسينما الترفيهية وينكبّ على كل ما هو مختلف. وكل هذا مرّ وانتهى.
> المرحلة الحالية ومنذ مطلع القرن على الأخص، تختلف لحد التناقض. غالبية الأفلام لا تصب في خانة الإبداع، بل هي في أحسن الأحوال، مقبولة ربما مع تميّز في نَواحٍ معيّنة. هذا لا يخلق ناقداً جيداً لأن التكرار فيما هو معروض سيؤدي إلى تكرار فيما هو مكتوب.
> لذلك يصحّ القول إن الناقد المقبل عليه أن يشاهد ويقرأ ويتعلم قبل أن يستطيع حمل الشعلة وحماية المهنة على نحو صحيح.