د. آمال مدللي
مستشارة في الشؤون الدولية - واشنطن
TT

فانس... سَاعِدُ ترمب الصلب

استمع إلى المقالة

اختار الرئيس السابق دونالد ترمب نائباً له من جيل الشباب الجديد في الحزب الجمهوري، الذين يؤمنون بسياسة «أميركا أولاً» في الداخل، وبسياسة خارجية تقوم على مبدأ السلام من خلال القوة في الخارج.

جيمس ديفيد فانس (39 عاماً)، المتحدر من عائلة بسيطة وطفولة صعبة في الفقر والمشكلات العائلية، يمثّل الحلم الأميركي. فهو انضم إلى «المارينز»، وخدم في العراق، وتخرج من جامعة ييل، وأصبح رجل أعمال ناجحاً. دخل السياسة متكئاً على شعبية الرئيس ترمب وخدم في مجلس الشيوخ، لكن ذلك لم يجعله عضواً في نادي السياسة الخارجية في واشنطن، الذي يعدُّ سياسته فاشلة بل «نكتة»، في تجربته.

في خطاب له أمام الكونغرس أبريل (نيسان) الماضي، هاجم فانس دوائر السياسة الخارجية الأميركية بسبب «فشلها في الشرق الأوسط» مستخلصاً دروساً من خلال خبرته جندياً في «المارينز» في العراق مقارناً بين النزاع في العراق وفي أوكرانيا.

حكى كيف أنه كتلميذ في المدرسة الثانوية في 2003 صدّق ما وصفه بـ«دعاية إدارة الرئيس بوش حول الحاجة لغزو العراق، وأن الحرب كانت من أجل الحرية والديمقراطية، وأن الذين يسترضون صدام حسين إنما يساهمون في خلق حرب إقليمية أوسع»، وأنه عندما انضم إلى «المارينز»، ووصل إلى العراق، وجد أنهم كذبوا في ما قالوه حول العراق. ووجد هذا شبيهاً بما يُقال اليوم عن نزاع آخر، يعني أوكرانيا، حيث تستخدم «الحجج نفسها بعد عشرين سنة، وإنما بأسماء جديدة».

وعدَّ أن أميركا لم تتعلم شيئاً من تلك التجربة مفضلاً الدبلوماسية.

قال إنه كان في العراق خلال الاستفتاء الدستوري، حيث كان أعضاء في الكونغرس «يرفعون أصابعهم الملطخة بالحبر الأرغواني للاحتفاء بالانتخابات العراقية الرائعة عام 2005»، عندما فعل العراقيون الشيء نفسه. لكنه حذر من أن التركيز المهووس على الأخلاقية والقول «إن الديمقراطية جيدة، وصدام حسين سيئ، أميركا جيدة والطغيان سيئ، أن هذه ليست طريقة جيدة لممارسة سياسة خارجية، لأنك تنتهي بأن ترى هناك من يرفعون أيديهم داخل قاعة الكونغرس بينما يدخلون بلادهم في كارثة».

الدرس الثاني الذي استخلصه من حرب العراق «كمسيحي يهمه هذا الأمر كثيراً»، هو تأثير الحرب على الجالية المسيحية هناك، حيث «اختفت هذه الجالية المسيحية التاريخية تماماً». وفي إشارة إلى اعتقاده أن الحرب وإضعاف العراق أفادا إيران إقليمياً، قال إن نتيجة ما قامت به أميركا في العراق هي خلق «حليف إقليمي لإيران، وهلاك إحدى أقدم الجاليات المسيحية في العالم. هل هذا ما قالوا لنا إنه سيحدث؟».

حول إيران والشرق الأوسط تحدث فانس مع «فوكس نيوز»، قائلاً إنه على إسرائيل أن تنتصر وتنهي الحرب في غزة «بأسرع وقت ممكن»، لكي «تتمكن إسرائيل والدول العربية السنية من تشكيل جبهة موحدة ضد إيران».

وقال إن «إطالة بايدن للحرب» تجعل من الأصعب علينا التحرك نحو سلام دائم، لذلك دعا إلى إنهائها بسرعة وبعدها «علينا أن نحيي عملية السلام بين إسرائيل والسعودية والأردنيين وغيره..». وهو يدعم اتفاقات إبراهام، ويعدّها «أهم اختراق دبلوماسي لترمب»، وهو لم يكن يعتقد أنه سيرى ذلك خلال حياته، كما قال.

ونائب ترمب معروف بموقفه المتشدد ضد إيران. فهو مثلاً عارض الاتفاق النووي معها، ويدعم سياسة ترمب الخارجية التي تقع في إطار «السلام من خلال القوة»، كما وصفه مدير منظمة «متحدين ضد إيران نووية»، جيسون برودسكي، الذي أشار إلى مواقف فانس السابقة من تشكيكه بتخفيف العقوبات على إيران في عهد الرئيس باراك أوباما، إلى دعم عمل ردعي ضد إيران مثل اغتيال قائد «فيلق القدس» سليماني. لكن برودسكي قال إن فانس ليس من المتحمسين لضربات أميركية على الأراضي الإيرانية. وفي مقابلته مع «فوكس نيوز» أكد فانس على ما وصفه بمبدأ ترمب في السياسة الخارجية، وقال إن أهم ما فيه «أنك لا تستخدم القوات الأميركية إلا إذا كنت مضطراً، ولكن عندما تفعل ذلك تضرب بقوة». وأشار إلى أن «الكثير من الناس يدركون أنه علينا أن نفعل شيئاً مع إيران»، لكنه أكد أنه لا يفضل «الضربات الصغيرة الضعيفة». وقال: «إذا كنت ستضرب الإيرانيين، اضربهم بقوة»، وقدم مثالاً هنا عندما أعطى ترمب أوامره باغتيال سليماني مما يشير إلى أنه يفضل ضرب إيران في الخارج، حيث ترعى وكلاءها في المنطقة. وهو عدَّ أن قتل سليماني، وعلى عكس المنتقدين، «لم يؤد إلى حرب أوسع، بل جلب السلام، وأبطأ إيران قليلاً». وهو يعدُّ أن الإسرائيليين وبعض الدول العربية السنية يمكن أن «يتحدا لخلق التوازن مع إيران». وهو يدعم «سحب أموال النفط الإيرانية، كجزء من استراتيجية إضعاف إيران».

ولكن هناك من يشير إلى طبيعة الرئيس ترمب المرنة في السياسة، كما في التجارة، ويتنبأون بأنه ربما ينفتح على إيران، كما فعل مع كوريا الشمالية، خصوصاً مع الرئيس الإيراني الجديد. برودسكي قال إن ترمب كان دائما منفتحاً على التعامل مع إيران منذ ولايته الأولى، ولا يتوقع أن يتغير هذا، لكنه أشار إلى أن الانفتاح على إيران لا يضمن أن يؤدي إلى نتيجة «بسبب تصرفات إيران»، حسب رأيه.