سيدة إنجليزية في الخامسة والستين من عمرها (بالسعر الرسمي الأوروبي يعني أربعين سنة فقط؛ أي أنها في قمة أنوثتها على الرغم من أنها جدة لطفلين). تم القبض على هذه السيدة بعد أن اختلست 500,000 (خمسمائة ألف جنيه إسترليني) من المؤسسة التي كانت تعمل بها، وهي أموال كانت مخصصة للمرتبات والضرائب. اتضح أنها أعطت هذا المبلغ ومبالغ أخرى لصديقها المصري الذي تعرفت عليه في شرم الشيخ، وذلك لمساعدته على شراء عقار. لم يوضح الخبر نوع هذا العقار، الأقرب إلى العقل أنه شقة فاخرة تغنيهما عن سؤال اللئيم وتتيح لهما الاستمتاع بعلاقة الحب الإنجليزي المصري بعيدًا عن الحساد والعوازل.
اهتمامي بالخبر يعود إلى أنه من النادر أن يحصل الرجل المحب على أموال حبيبته. العكس هو الصحيح، كم سمعنا عن حبيبة جردت حبيبها من كل ما يملك وهو ما نصفه في العامية «خدت اللي وراه واللي قدامه» وتركت له فقط الملابس التي يرتديها.
بخيالي الجامح الذي لا توقفه حدود ولا سدود، بدأت أملأ الفجوات في الخبر وما أكثرها؛ أي أن ما ستقرأه سيادتك منذ تلك اللحظة نابع من الخيال وحده وهو ما يسمى عادة تأليفًا.
السيدة ليزا قابلت بطلنا النهم للحب والفلوس في شرم الشيخ. كان موظف الاستقبال في الفندق الذي نزلت فيه. من أقوالها في التحقيق.. «عندما رأيته سرت في جسمي شرارة كهربية وعجزت عن الوقوف للحظات».. كان اسمه أحمس (الواقع أن اسمه أحمد غير أنه كانت تدلّله بأحمس. ولقد عثرت سلطات التحقيق في مصر على رسالة إلكترونية باسم بطلنا من السيدة تقول فيها.. «كل الحب اللي اتمنيته، ويّا عنيك الحلوة لقيته» وهو نفس ما قالته للمحقق الإنجليزي.. «تزوجت من قبل مرتين وأحببت خمس مرات.. أحمس شيء آخر. أحمس نسر فرعوني قديم استطاع أن يحلق بي إلى أعلى قمة في جبال الهملايا. نعم لقد أخطأت وسأدفع الثمن غاليًا، سأدخل السجن وهذا الأمر لا يحزنني لأني أعرف أن الإنسان لا بد أن يدفع ثمن ما يحصل عليه. وأنا حصلت على الحب.. حصلت على أحمس». محامي السيدة الذي كان حاضرًا التحقيق طلب عرض موكلته على قومسيون طبي عقلي، لأن ما تقوله ليس له صلة بالعقل. اعترف الأطباء بأنها تعاني من خلل عقلي يحدثه الحب عادة في عقول البشر غير أنه لا يعفي صاحبه من المسؤولية الجنائية.
في مصر أنكر صاحب الفندق أن لديه موظفًا اسمه أحمس، وبعد انكشاف أن أحمس هو أحمد صرح بحقائق مؤلمة وهي أن أحمس كان السبب في جنون عشرين سيدة يابانية، وانتحار سيدة فرنسية، وإصابة عشر سيدات أميركيات باكتئاب حاد. وأضاف مدير الفندق أنه عاجز عن فصله، لأنه في نهاية الأمر يعتبر عنصر جذب للسياح، وأنه كان السبب الرئيسي في أن نسبة الإشغال كانت عنده طول العام مائة في المائة.
استطعت الاتصال بأحمس وطلبت لقاءه لأجري معه حوارًا حول الواقعة، فقال لي: مش فاضي.. عندي ميعاد مع واحدة كورية عندها أربعين مصنع.. من فضلك ما تعطلنيش.. كفاية عَطَلَة، البلد عاوزة شغل.. سيبونا نشتغل.. روح اكتب اللي عاوز تكتبه.
TT
أحمس والسيدة الإنجليزية
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة