مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

الغامدي الذي جاء من كندا

أحمد الغامدي، شاب سعودي يافع، كان من نجوم المنتخب السعودي لكرة القدم تحت سن 23 الذي فاز بكأس آسيا قبل أيام لأول مرة في تاريخ المنتخب الأولمبي تحت قيادة المدرب السعودي، سعد الشهري.
لماذا نركز على هذا اللاعب من بين سائر الفريق؟ لأنه يملك قصة خاصة، فهو من ثمرات برنامج الابتعاث السعودي للتعليم والتدريب في الخارج، الثمرات غير المباشرة.
عاد مع والديه من كندا موسم 2020 إلى السعودية، وهو بالكاد يتحدث العربية بطلاقة، وانضم لشباب نادي الاتفاق.
كان ذلك بعد أن أنهت والدته الدراسات العليا في الدكتوراه وعادت للمملكة للعمل في «مستشفى أرامكو» في الظهران. كانت هناك فرصة لإدارة الاتفاق من أجل قيده في الكشوفات كلاعب سعودي بعد أن تمت مشاهدة مباريات له في الدوري الكندي، حيث تم تسجيله وتوقيع عقد احترافي معه بناءً على توصية فنية، خصوصاً أنه تم اختياره لمنتخب درجة الشباب السعودي بدون انتمائه لأي نادٍ.
كانت بدايته مع فريق فانكوفر وايتاكابس الذي ينتمي للمقاطعة نفسها التي عاش فيها في كندا، إذ شارك في دوري للهواة ثم انتقل إلى باسفيك في دوري المحترفين، وهناك قدم مستويات مميزة جعلته أصغر اللاعبين المشاركين في الدوري الممتاز هناك، قبل أن يتوج بجائزة أفضل لاعب صاعد في عام 2019.
قصة أحمد الغامدي ملهمة، وموقظة للعقول، فكم من موهبة سعودية مدفونة وبعيدة عن الأنظار في بلاد المهاجر الابتعاثية؟ السؤال الأهم، هل بانت لدينا كتل سعودية في الخارج، ولن أقول على وشك تكوين جاليات خارجية فاعلة؟ ذاك أن تعريف الجالية ربما يقتضي بعض الشروط، منها اكتساب جنسية البلد المهاجر إليه ومرور أكثر من جيل وبلوغ مجمل الجالية عدداً كبيراً، ووجود تنسيق دقيق بين أفراد الجالية.
لكن نحن بلا ريب أمام ظاهرة حديثة، يجب فحصها ووضع بيانات دقيقة عنها، بغرض التعرف على كيفية الاستفادة من هذه الظاهرة، لا في المجال الرياضي فقط، بل في الفنون كلها. والعلوم الإنسانية والمواهب الدبلوماسية والإعلامية… لاحظ أنني لم أقل المجالات الإدارية والاقتصادية والتكنولوجية… فهذا حاصل فعلاً.
حسب إحصاء شبه حديث، فقد كشفت وكالة وزارة التعليم السعودية لشؤون الابتعاث، نشرة شهر فبراير (شباط) 2019، بلغ عدد المبتعثين الحاليين بالخارج نحو 93 ألف مبتعث. مثل الذكور 66 في المائة من إجمالي المبتعثين بنحو 61.1 ألف مبتعث، بينما مثلت الإناث 34 في المائة وبنحو 31.9 ألف مبتعثة. فيما عدد الطلاب 52 ألف مبتعث من إجمالي المبتعثين، والموظفين نحو 18.6 ألف، والدارسين على حسابهم الخاص نحو 13 ألفاً، وكما هو متوقع، تصدرت أميركا قائمة الدول من حيث استقبال المبتعثين السعوديين بنحو 51.1 ألف مبتعث يمثلون 55 في المائة من إجمالي المبتعثين، تلتها بريطانيا بنحو 14.6 ألف مبتعث.
نحن تجاه ثروة كبيرة، في المجالات التي حددتها قبل قليل، فهل استثمرت هذه الثروة على النحو الصحيح؟