كان الشاعر والأديب الدكتور عدنان علي رضا النحوي في طريق عودته من زيارة الهند. شاهدَ فيها مبنى تاج محل الشهير في مدينة اكرا. وكان معه عدد من شعراء وأدباء المملكة العربية السعودية. وكان الدرب طويلاً بين البلدين، رغم كل ما بذلته محركات الطائرات العملاقة. وهل من سبيل لإزجاء الوقت بين الأدباء أفضل من المطارحة الشعرية العبثية. قال أحدهم هاتِنا من هجائك شيئاً يا دكتور. وكان الدكتور الشاعر قد انقطع عن الهجاء منذ أمد ليس بالقصير. ولكن أصحابه ألحُّوا عليه بأن يأتيَ بشيء من قريحته. فاستجاب وكانَ ممَّا قال هذه الأبيات:
جزى الرحمانُ إخواني جزاءَ المنعم الحانِي
هم الأصحاب في سفر لخير مقبل دانِي
وهم من طبعهم أرج وهم أزهار بستانِ
وهم أصحاب معترك على الدنيا وميدانِ
هذا كله مديح، وما طلبوا المديح بل الهجاء. نعم هكذا، فقال مواصلاً:
يقول أخي ألا أهجُهُمُ مداعبة لإخوانِ
فلا قلمي يطاوعني ولا شعري ببهتانِ
ولو أني أردت هجا فلست بعاجزٍ وانِ
إذا لم يصدقوا الرحمن في بذل وإحسانِ
اشكُّهُمُ بسفُّودٍ محمى فوق نيرانِ
أقلبهم على جمر وأشويهم بأفرانِ
ولست بتاركٍ أحداً ليفلت من أذى آنِ
فأسلقهم إذا ما جاز سلق المهتري الفاني
لم يجد الصحب شيئاً فيما قاله غير الوعيد والتهديد، فتصدى له أحدهم ساخراً ساخطاً، فانبرى حيث فقال بنفس الوزن والقافية:
أرى سفودَ صاحبنا كنكاشات أسنان!
فأجابهم الشاعر قائلاً:
يقول مخاطبي مهلاً ألا اهجُ الصاحب الثاني
ألم تسمعْ بما قد قال عن سفود «عدنان»
فقلت له رويدك فذلك ليس من شانِي
فسفودي هو السفود عزمي عزم طعانِ
وما ذنبي إذا ما مات إحساسٌ بإنسانِ
فمهما كنت تطعنه بأرماح ومرّانِ
ومهما كنت تسلخه بكرباجٍ وقضبانِ
فليس بميت حس ولا بالمهتري الفانِي
8:2 دقيقه
TT
من المطارحات الشعرية
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة