بين رياضيي البرازيل والأرجنتين تغيب الموضوعية في كثير من الأحيان. إنها المنافسة الرياضية الشرسة بين الجارتين. برازيل بيليه ونيمار.. وأرجنتين مارادونا وميسي.
وكنت قرأت رأيا للمدرب البرازيلي الشهير لويز فيليب سكولاري عن النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، قال فيه: «الجميع يتحدث هراء حول كريستيانو رونالدو. بالنسبة لي هو أفضل رجل تعمل معه. إنه دائما على استعداد. دائما يحاول قصارى جهده ويتطلع دائما لفعل شيء مختلف. لا أحد يعمل بمثل هذا الكد مثله».
وقرأت رأيا لنفس المدرب عن النجم الأرجنتيني ميسي مضمونه: «أعتقد أن ليونيل ميسي سيبقى الأفضل في العالم في العام أو العامين المقبلين. ميسي يقدم أداء جماعيا، لكنه يتمتع كذلك بمهارات فردية غير معقولة. إنه الوحيد الذي يمكنه تغيير مصير مباراة بفضل نقاط قوته».
أطلق سكولاري تصريحه قبل أن يفوز نجم ريال مدريد بلقب أفضل لاعب في العالم. وبعد هذا الانتصار الشخصي لرونالدو، الذي جعله يبكي تأثرا أمام أنظار الملايين، حيث طال انتظاره للجائزة في ظل تفوق ميسي تحديدا؛ أستطيع القول إن الجائزة ذهبت لمن يستحقها جهدا. ليس هناك إجماع على من هو الأفضل محليا وقاريا وعالميا طالما أن الرأي أساسه منظور شخصي يفتقر إلى المعايير، بيد أن جائزة «فيفا» التي تعتمد على المقدرة والجهد، تذهب غالبا لمستحقها، رغم كل الانتقادات الموجهة لها، مثل تدخل السياسة أو الحسابات الخاصة بها.
ولا شك في أن تصريحي سكولاري يعبران عن هذا المفهوم، ذلك أن المدرب الكبير أكد صراحة أن ميسي الأفضل، وهو هنا يتحدث عن المقدرة، لكنه أشاد كثيرا برونالدو، مع أن الإشادة انصبت في معظمها على جهود وكفاح وعمل رونالدو. وهناك فارق بين المقدرة والجهد، وإن يكن من الصعب بل من الاستحالة أن يفوز نجم بجائزة معتمدا على الجهد فقط. لا يمكن إغفال أهمية المقدرة، بل هي الأساس، وهي تأتي أولا والجهد ثانيا. لم يواصل ميسي تفوقه؛ لأن مقدرته لم تكن كافية، فقد ظهر من هو أفضل منه جهدا، وبالتالي أفضل منه إنتاجا. أما في ما يتعلق بالمنافسة البرازيلية - الأرجنتينية القديمة التي تمتد لمجالات أخرى، مثل كل منافسات الجوار، فقد كان سكولاري أحد البرازيليين القلائل الذين امتدحوا نجما أرجنتينيا مؤكدا تمتعه بروح رياضية.
في ظني أن المنافسة بين النجمين الأرجنتيني والبرتغالي، كما يبدو في الأفق، ستستمر، لكنها لن تعمر طويلا مثل كل المنافسات الرياضية، وقد يدخل النجم البرازيلي نيمار الصاعد بقوة الصاروخ على خط المنافسة في وقت قريب، وتتحول إلى منافسة ثلاثية، دون أن نهضم حق أسماء أخرى لامعة تحتج وتشكو من الظلم، مثل: إبراهيموفيتش وريبري. ولا شك في أن عامل المقدرة يضع نيمار في مقدمة المرشحين لمنافسة ميسي ورونالدو، ويأتي الحسم بعدئذ عطفا على الجهد المبذول. وببزوغ نجومية نيمار تزداد المنافسة البرازيلية - الأرجنتينية شراسة وإثارة، وما أجملها من منافسة.
والحقيقة أن اسم نيمار فرض نفسه، وهناك من بدأ فعلا منحه وسام الأفضلية، ومن ينسى رأي بيليه؟! ويقول النجم البرازيلي لويس فابيانو إن نيمار من دون شك أفضل كثيرا من كريستيانو رونالدو، لكنه لم يصل بعد لمستوى ميسي. وهذا نموذج جديد على الروح الرياضية؛ لأن النجم البرازيلي لم يفضل مواطنه على ميسي كما فعل كثيرون. وأختم برأي البرازيلي الشهير ريفللينو الذي لعب في السعودية قبل اعتزاله، حيث فضل مارادونا على ميسي، وفضل نيمار على ميسي!
7:44 دقيقه
TT
رونالدو.. مقدرة أم جهد؟!
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة