عثمان الذوادي
باحث واستشاري في التسويق ومهتم بقضايا الابتعاث والتحولات الاجتماعية
TT

وزارة التجارة ومستقبل الابتعاث

قد يصعب الربط بين الابتعاث ووزارة التجارة، وهذا أمر مفهوم، لأننا تعودنا على التعامل مع حدود صلاحيات الجهات الحكومية وكأنها حدود دول، وخصوصاَ عند حصول كوارث، والتي غالباً ما تتبعها تصاريح اعلامية عن حدود صلاحية هذه الوزارة وبداية مسؤوليات الاخرى. الأمر هنا يختلف، فنحن لسنا بصدد مشكلة نود من وزارة التجارة المساعدة فيها، بل بصدد الحديث عن أهم استثمار وهو برنامج الملك عبد الله للابتعاث الخارجي، وعلى الجميع التعاون لتحقيق مردود أعلى للوطن من هذا المشروع الكبير.
وزارة التجارة بين يدها أمر غاية في الأهمية، وهو خط نبض الاستثمارات الأجنبية والتبادل التجاري بين المملكة ودول العالم. وترعى بالتعاون مع مجلس الغرف التجارية السعودية ملتقيات استثمارية رائعة تقدم من خلالها فرص استثمارية في المملكة وتوقع فيها عقود ثنائية، وبالتالي تعتبر الوزارة أكثر من غيرها ان لديها حظوة لدى الشركات العالمية يمكن استثمارها لصالح برنامج الابتعاث.
الحديث هنا ليس عن التوظيف، ولكن عن التدريب. لذا من المهم استغلال نفوذ وزارة التجارة بدعوة الشركات العالمية الى تدريب المبتعثين في دول ابتعاثهم، خلال دراستهم أو بعد تخرجهم مباشرة. التدريب وليس التوظيف لأن الأول أشمل وأكثر مردوداَ وعن طريقه يتحقق التوظيف. فمن خلال التركيز على تدريب المبتعثين يمكن خلق فرص تدريبية أضعاف الفرص الوظيفية، وبالتالي تعميم الفائدة لفئة أكبر. الأمر الأهم أن الشركات التي لديها وجود في السوق السعودي ولا توجد لديها فرص توظيفية، بالاضافة الى الشركات التي لديها منتجات وخدمات في السوق السعودي ولا يوجد لها فروع بالمملكة، سترحب بتدريب المبتعثين.
التدريب المقدم من هذه الشركات العالمية هو بمثابة تسويق لمنتجاتها وتعزيز لصورة هذه الشركات في السوق السعودي وخدمة جليلة تضاف لرصيد رجال الاعمال السعوديين وكلاء هذه الشركات في السوق السعودي. فمن خلال دخول المبتعثين لبيئة العمل في الشركات حول العالم والتعرف عن قرب على منتجاتها يصبحون بمثابة مسوقين لهذه الشركات على المدى الطويل. وحيث ما انتهى بهم المطاف بعد الابتعاث سيتذكرون تجاربهم في هذه الشركات. ويساهم التدريب على تشجيع الاستثمار المتبادل ورفع حصة الشركات في السوق السعودي. فعلى سبيل المثال عند حصول طلاب تخصص الحاسب الآلي وتقنية المعلومات على فرصة تدريبية في شركة اميركية متخصصة في الشبكات الالكترونية، فستساهم هذه الخبرة في رفع قيمة المبتعث في سوق العمل وتسرّع من عملية السعودة في القطاع الخاص. كما أن وجود اعداد من المبتعثين يعملون في جهات متعدده ممن سبق لهم التدريب في هذه الشركة، سيساعدها على تسويق منتجاتها بشكل أكبر.
ولتدريب المبتعثين عائد تسويقي، فبإمكان شركة مثل فورد ان تقدم فرصا تدريبية سنوية لعشرات المبتعثين وفي مختلف التخصصات. ومن شآن هؤلاء المتدربين رفع المحتوى الالكتروني الايجابي عن الشركة على مواقع التواصل الاجتماعي. بالاضافة للارتباط الكبير الذي سينشأ بين هؤلاء المتدربين ومحيطهم الأسري والاجتماعي ومنتجات الشركة.
وبشكل عام لا بد من الاستفادة من التنافس بين الشركات العالمية في الفوز بعقود في السعودية، ومن وجود الآلاف من المبتعثين حول العالم، عن طريق الربط بين المسارين وتجاوز قضية حدود المسؤوليات. وبدلاً من الاعتماد الكلي على عصا وزارة العمل التي تلوحها في وجهه الشركات لتحقيق السعودة، يمكن تحقيق الكثير من خلال التلويح بجزرة وزارة التجارة.