مصطفى الآغا
TT

المحسوبية والشللية

في أي عمل وفي أي نشاط بشري هناك آفة اسمها المحسوبية والشللية، وهي ليست حكراً على عمل معين أو فئة معينة... لهذا فهي وباء يمكن له إن تغلغل وتمكّن أن يُدمر أسس أي عمل ويُحوله من فكر إبداعي ومنتج منافس إلى دكانة لا يدخلها النخبة بل يدخلها أصحاب الحظوة والواسطة وأهل الشلة فقط.
ومن نافل القول أن تجانس أي مجموعة عمل هو أحد أسرار نجاحها، ولكن يجب ألا يكون التجانس على حساب الكفاءات أو جسر عبور لمجموعة بعينها...
وفي الرياضة نجد الشللية في تركيبات الاتحادات، فنرى اتحادات ضعيفة وأخرى قوية، ونجدها في إدارات الأندية، فتكون الإفرازات أندية منافسة وأخرى غارقة في تخبطاتها.
ونجد الشللية والمحسوبية في بعض الأقسام الرياضية، فنرى إعلاماً، وحتى لدى بعض المدربين، وهو ما يحرم لاعبين موهوبين من الظهور، لأنهم خارج الشلة أو لأن للمدرب حساباته الخاصة ولاعبين جاء بهم «وقبض عمولته عليهم»، لهذا يجب أن تكون الشفافية هي الكلمة الفصل في العمل الإداري، والمحاسبة هي الحد الفاصل بين المجتهدين و«أصحاب الواسطة».
وحتى أكون أكثر وضوحاً، هناك مجالات في الحياة لا مجال فيها للواسطة، وهي المجالات التي تتعامل مع صحة البشر مثلاً ومع حياتهم، فلا يمكن تعيين مهندس يبني العمارات بالواسطة، ولا طبيب يعالج الناس بالواسطة، ولا صحافي «لا يعرف كوعه من بوعه» في مركز يفوق حجمه وإمكاناته وقدراته وخبراته، لأن الإعلام أحد أهم أسباب تشكيل الرأي العام، وبالتالي يجب أن يتمتع أصحابه بالحكمة والمنطق والعقلانية والعدل في النظر للأمور، فلا يقلبون الحقائق ولا يزوّرون الأمور تبعاً للعواطف أو الأهواء أو لقلة الخبرة...
الفيفا أعلن مع نهاية العام ومن دبي تحديداً خلال مؤتمره الرياضي الدولي عن تبني مبدأ «الحوكمة»، وكثير من الاتحادات أعلنت عن العمل به، ولكن حتى الآن كل ما قيل بقي حبراً على ورق، لأن من يعمل بالحوكمة هو نفسه من يجب أن يتعرض للمساءلة من قبل جهات لا تنتمي إليه ولا له سلطة عليها أو هو من يُعينها أو يوجهها أو يوحي إليها.