مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

أحمد الناصر ومساعد الرشيدي

في غضون أسبوع، فقدت السعودية، وكل عشاق الأدب الشعبي، رمزين كبيرين من رموزهما، أحدهما هو «شيخ» الشعراء النبطيين، أحمد الناصر الشايع، عن عمر ناهز التسعين عامًا، والآخر هو «سيف العشق» الشاعر المبدع، مساعد الرشيدي.
العميد مساعد الرشيدي، من قوات الحرس الوطني، رثى من على فراش مرضه، قبل وفاته هو بأيام قليلة، الراحل الكبير أحمد الناصر، وقال على «تويتر»: «اللهم ارحم أحمد الناصر الشاعر العلم الكبير مر كالغيوم لا تترك إلا ظلاً أو مطرًا وألهم أهله ووطنه ومحبيه الصبر والسلوان».
مساعد الرشيدي ولد بالدمام، شرق السعودية عام 1962 ومرّ بعدة محطات، حتى تخرج في كلية الحرس الوطني، وتدرج في الرتب العسكرية حتى يوم رحيله.
تميز بشخصية شعرية فريدة، جمعت بين جزالة الشعر البادية الشمالية للجزيرة العربية، مع رقة وعذوبة الشعر المديني، ورسم الصور الأخاذة، والطرية، والغضّة.
مزيج خاص، بين الماء والنار، الصخر والزجاج، الرمل والطين، الصحراء والمدينة، ظفّر ذلك كله بإلقاء عفوي فطري نقي، وتفاعل حركي آسر، فهو شاعر منبر أول.
كما كان مساعد من نجوم الانبعاث الحديث لصحافة الشعر النبطي، التي شهدتها الملاحق الشعرية بالصحف اليومية، والمجلات المتخصصة في شؤون وعوالم ونجوم الشعر النبطي، وبخاصة الإصدارات الكويتية والسعودية في مرحلتي الثمانينات والتسعينات.
أما أحمد الناصر، فهو من جيل أقدم، وألصق بالمدرسة الشعرية الكلاسيكية، لكنه كان شاعر ميدان من الطراز الرفيع، مع تفنن في الارتجال وبدع الألحان بصوت شجي يعبّر عن شخصية المكان النجدي بامتياز.
الحديث عنهما، هو حديث عن أهمية الاعتناء، الرفيع، النافع، بهذا اللون من الأدب الحقيقي، وفهمه حق فهمه، وتمييز الصادق والمفتعل منه.
علاوة على توجيه النظر للإفادة من هذه الثروة في الدراسات العلمية، وبخاصة التاريخية والاجتماعية منها.
تاريخ الشعر النبطي، قديم جدًا، على خلاف في تحديد مولده، المؤرخ ابن خلدون (توفي 808 هجريا) تحدث عن هذا الشعر.
بالسعودية ثار جدل، قديم، بين مناصري الشعر النبطي ومحاربيه، جدل تحول، بدوره، لإرث علمي ثمين.
غير أن المنهج الحديث أثبت الفائدة القصوى من دراسة هذا الشعر، أبرز مثال لذلك، دراسات الباحث السعودي المعروف، د. سعد الصويان، وخصوصا في كتابيه «الشعر النبطي: ذائقة الشعب وسلطة النص»، و«الصحراء العربية: ثقافتها وشعرها عبر العصور، قراءة أنثروبولوجية».
هي مناسبة لتحية هذا الأدب، من خلال رمزين كبيرين له رحلا عن عالمنا مؤخرًا.
في الختام نستشهد بالمرحوم أحمد الناصر:
ليت العمـر ينبـاع والله لشريـه
وأروح للطيّـب وأزوّد سنيـنـه