د. حسن محمد صندقجي
طبيب سعودي واستشاري قلب للكبار بمركز الأمير سلطان للقلب في الرياض
TT

الصابون العادي.. يكفي

«صابون مضاد للجراثيم؟ يُمكنك تخطيه.. واستخدم ماء وصابون عادي». بهذه العبارة وضعت إدارة الغذاء والدواء الأميركية FDA عنوان نشرتها الصادرة في 2 سبتمبر (أيلول) الحالي لرسالتها إلى المستهلكين حول استخدام أنواع الصابون في التنظيف الصحي لمقاومة الإصابة بالأمراض المُعدية.
وطرحت الإدارة في بداية نشرتها على المستهلك التساؤلات التالية: «عند شراء الصابون وغسول الجسم هل تتوجه إلى المنتجات الصابونية المُسماة بالمضادة للبكتيريا على أنها سوف تُبقي عائلتك أكثر أمانًا؟ هل تعتقد أن من شأن هذه المنتجات أن تُخفّض من خطر الإصابة بالأمراض ونشر الجراثيم أو أن تطالك عدوى؟»، وتُجيب مباشرة: «وفقا لإدارة الغذاء والدواء الأميركية، ليس هناك ما يكفي من الأدلة العلمية لإثبات أن أنواع الصابون المضاد للبكتيريا Antibacterial Soaps التي تُباع دون الحاجة إلى وصفة طبية OTC هي أفضل في منع المرض مقارنة بالغسل بالماء مع الصابون العادي Plain Soap. وحتى الآن، لم تثبت فوائد استخدام الصابون المضاد للبكتيريا في غسل اليد. وبالإضافة إلى ذلك، فقد أثار الاستخدام الواسع النطاق لهذه المنتجات على مدى فترة زمنية طويلة مسألة الآثار السلبية المحتملة لها على صحتك».
وأضافت الإدارة المذكورة: «وبعد دراسة هذا المسألة، بما في ذلك مراجعة جميع ما هو متوفر من دراسات علمية، كانت إدارة الغذاء والدواء الأميركية قد أصدرت في 2013 اقتراحها بضرورة عرض الشركات المنتجة بيانات تُوضح الفاعلية والسلامة للمستهلكين وغيرهم، إذا كانوا يُريدون الاستمرار في تسويقها كمنتجات مضادة للجراثيم تحتوي على مواد مضادة للجراثيم، ولكن القليل جدًا من المعلومات والبيانات تم تقديمه. وأنواع الصابون تلك في معظمها تحتوي على مواد مضادة للبكتيريا، ومنها مواد تريكلوسان Triclosan وتريكلوكربان Triclocarban»، واستطردت قائلة: «لم يُقدم المنتجون ما يُثبت أن هذه الأنواع من الصابون المضاد للجراثيم هو أفضل من الغسل بالماء والصابون العادي في منع الإصابة بالأمراض أو انتشار أنواع معينة من الأمراض المُعدية، وبعض منتجي أنواع هذا الصابون بدأوا بالفعل إزالة تلك المواد من منتجات الصابون الخاصة بهم».
وعلقت الدكتورة تريزا مايكل، الطبيبة والعاملة في قسم المنتجات الدوائية غير المتطلبة لوصفات طبية في إدارة الغذاء والدواء الأميركية، بالقول: «إن ممارسة الغسل البسيط لليدين بالطريقة الصحيحة هي أحد أفضل الممارسات فاعلية في طرق منع انتشار عدوى أنواع كثيرة من الميكروبات والأمراض المعدية في المنزل والمدرسة وأماكن أخرى، وهي بسيطة وفاعلة». والإدارة تتحدث في نشرتها هذه عن المنتجات الصابونية التي تُستخدم مع الماء، ولا تقصد بحديثها مُعقمات اليدين Hand Sanitizers أو المناديل المُطهّرة Hand Wipes، كما لا تقصد بحديثها أنواع الصابون المضاد للجراثيم الذي يُستخدم في مرافق تقديم الرعاية الطبية كالمستشفيات وغيرها.
وأنواع الصابون المضاد للجراثيم تكتسب هذه القدرة باحتوائها على مواد كيميائية معينة لا تتوفر في مكونات أنواع الصابون العادي، وهي مواد تضاف بغية خفض أو القضاء على البكتيريا المتسببة بالعدوى. وغالبية أنواعها تحتوي على مادة تريكلوسان، وهي إحدى المواد المثيرة للجدل لدى الأوساط البيئية والأكاديمية وغيرها، ووفق ما أشارت إليه إدارة الغذاء والدواء في نشرتها فإن الدراسات على الحيوانات أظهرت تأثيرات سلبية لها على الهرمونات، مما يُثير احتمالات تسببها بآثار سلبية على الإنسان، وتُضيف أننا لا نعلم تأثيراتها الحقيقية على الإنسان بشكل يقيني، مما يتطلب إجراء مزيد من الدراسات حول ذلك. وتوضح الدكتورة مايكل قائلة: «لا تتوفر معلومات تفيد بأن إضافة تلك المواد إلى أنواع الصابون تؤدي إلى حصول حماية إضافية ضد الإصابة بالأمراض أو عدوى الميكروبات، واستخدام الناس لهذه المنتجات الصابونية قد يُعطيهم شعورًا زائفًا بالأمان، وإذا كنت تعتقد أنك باستخدام هذه الأنواع من الصابون تفعل شيئًا أفضل من الغسل بالماء والصابون العادي فإنك مخطئ. وإن كنت تستخدمها لما يُعطيك ذلك من شعور مريح فإن ثمة منتجات شبيهة لا تعرضك وتعرض أفراد أسرتك بلا داعٍ إلى المواد كيميائية، وبعض المنتجين بدأوا بإزالة تلك المواد الكيميائية عن منتجاتهم».
والواقع أن استخدام مادة تريكلوسان أصبح أكثر شيوعًا اليوم من السابق، وهي مادة أصبحت تُضاف إلى كثير من المنتجات التي قد لا تخطر على بال البعض، مثل إضافتها إلى أنواع من الملابس وأدوات المطبخ والأثاث والألعاب وغيرها، وذلك بغية منع تلوثها بالميكروبات، ولذا فإن تعرض الناس لمادة تريكلوسان هو أعلى مما كان يُعتقد سابقًا، الأمر الذي يُثير الاهتمام حول المخاطر المحتملة للتعرض لها طوال الحياة. والأمر الآخر الذي أثارته إدارة الغذاء والدواء الأميركية هو احتمالات تطوير البكتيريا لقدرات تُقاوم بها تأثيرات مادة تريكلوسان، ولذا فإن كل من إدارة الغذاء والدواء ووكالة حماية البيئة بالولايات المتحدة EPA تتعاونان حاليًا في شأن مادة تريكلوسان، كما تراقب وكالة حماية البيئة استخدام هذه المادة كمبيد حشري.
ويظل غسل اليدين بالماء والصابون من السلوكيات الأكثر جدوى صحيًا في مقاومة ومنع انتشار العدوى الميكروبية، إضافة إلى كون ذلك السلوك إحدى أبجديات النظافة الشخصية. وغسل اليدين بالماء والصابون هو عمل بسيط ولكن له طريقة كي يكون مفيدًا وكي يُغني عن التعرض للمواد الكيميائية المحتملة الضرر، وأولى الخطوات إدراك أن الطريقة المُثلى هي أن تستغرق العملية 40 ثانية على أقل تقدير، وتبدأ بتبليل كامل اليدين بالماء وتغطية كامل اليدين بالصابون وفرك باطن اليد اليسرى بظاهر أصابع اليد اليمنى ثم نفس الشيء باليد اليمنى، ثم فرك ظهر اليد اليسرى براحة اليد اليمنى مع تخليل الأصابع ثم فعل نفس الشيء مع اليد اليمنى، ثم فرك الإبهامين، ثم تجفيف اليدين بمنشفة تُستخدم لمرة واحدة. وفي هذا فإن الماء والصابون العادي بطريقة التنظيف المتأنية كافٍ.
* استشاري باطنية وقلب
مركز الأمير سلطان للقلب في الرياض

[email protected]