عبير مشخص
صحافية وكاتبة سعودية في مجال الفنون والثقافة
TT

التكريم.. فن وثقافة ومجتمع

نشرت الصحف البريطانية أمس صورا للاعب التنس آندي موراي مع خطيبته وهما يغادران قصر باكنغهام بعد أن حصل موراي على وسام ضابط بالإمبراطورية البريطانية (OBE) تكريما له بعد أن أصبح أول بريطاني يحرز لقب فردي الرجال في بطولة ويمبلدون للتنس منذ عام 1936، بالإضافة إلى حصوله على بطولات عالمية أخرى.
وقام الأمير ويليام دوق كمبردج بتقليد موراي الوسام نيابة عن جدته الملكة إليزابيث.
الوسام في حد ذاته ليس موضوعنا هنا، ولكننا يجب أن نتوقف طويلا أمام فكرة التكريم.
كثيرا ما تطالعنا الصحف البريطانية بأخبار عن ممثلين وممثلات ومغنين وفنانين ورياضيين قلدوا ميداليات وأوسمة رفيعة، التكريم هنا هو انعكاس لشعور شعبي غامر بالرضا والفخر بهذه الشخصية.
عندما أقيم أولمبياد 2012 في لندن وحصد الفريق الأولمبي عددا ضخما من الميداليات تم تكريم أفراد الفريقين الأولمبي وفريق ذوي الاحتياجات الخاصة في عدد من المحافل. فمن إقامة احتفال شعبي ضخم في صورة موكب جال بالشوارع الرئيسية بوسط العاصمة، أغلقت من أجله الطرقات وتدفقت الجماهير إلى الشوارع حاملين الأعلام، إلى قرار بلديات الأحياء طلاء صناديق البريد في المناطق التي يعيش بها الحاصلون على الميداليات الذهبية باللون الذهبي.
ولنا أن نتخيل شعور الامتنان والسعادة وأيضا الدفعة المعنوية التي يمنحها التكريم لمن حصلوا عليه، عندها يصبح أي مجهود مستساغا وممتعا أيضا.
ولا يتوقف التكريم عند المشاهير بل يحصل عليه كل من قدم خدمة لمجتمعه وبلده، والكثيرون يذكرون قصة طارق جهان الرجل الذي نجح في حماية مدينته من صراع طائفي. فقد فقد جهان ابنه خلال أحداث الشغب التي ثارت في لندن وعدد من المدن البريطانية في أغسطس (آب) 2011. وبعد أن قام بدفن ابنه ذا الـ21 ربيعا، دعا الجميع للهدوء والعودة لمنازلهم وعدم الانتقام من قاتلي ابنه. وقتها تحول طارق جهان إلى بطل قومي تسابقت الصحف وقنوات التلفزيون للحديث عنه ومحاولة مقابلته، ثم كرم في حفل ضخم بصفته أحد الشخصيات المؤثرة في المجتمع البريطاني.
عندما يكرم المجتمع أفراده على إنجازاتهم يصبح رد الجميل متعة وشرفا. ولا يسعنا إلا أن نتمنى أن تصبح ثقافة العطاء والتكريم جزءا من تفكير مجتمعاتنا العربية ليفرج أفرادها عن طاقاتهم وإبداعاتهم المكنونة.