غالية قباني
كاتبة وروائية سورية مقيمة في بريطانيا من اسرة «الشرق الأوسط»
TT

هل نصوت على الخروج ونعيش أقلية في «إنجلترا الصغرى»؟

لا أشكك بمعلومات عن تراجع المؤيدين للخروج من الاتحاد الأوروبي بعد مقتل النائبة العمالية جو كوكس على يد يميني متطرف، على خلفية موقفها المؤيد لبقاء بريطانيا في الاتحاد، والذي كانت تروج له وسط ناخبي دائرتها الانتخابية؛ فرسالة الاغتيال كانت واضحة؛ ان عنف التطرف قادم مع اليمين الذي يريد ان ينفرد ببريطانيا.
وكمواطنة من أصل عربي وخلفية ثقافية تتصادم مع اليمين المتطرف ومع الخطاب العنصري الذي يحمله، أجد نفسي، اضافة لمبررات اخرى، مع بقاء بريطانيا في الاتحاد الاوروبي، وهذا ما سأصوت له يوم غد الخميس.
صدقا، لا اتفهم أبدا، منطق المهاجرين او الذين حصلوا على الاقامة والجنسية بعد طلب اللجوء في هذا البلد، في وقوفهم مع خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي بحجة الحد من قدوم المهاجرين واللاجئين وحصولهم بالتالي على فرص عمل فيها او على مساعدات اجتماعية. وكأن الفرد من أصحاب هذه المواقف يقول أمام المجتمع "الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف"، أنا فقط من يستفيد من بلادكم ومن بعدي اقفلوا الأبواب. من دون ان ينتبه انه لولا سياسة الانفتاح والتسامح في هذا البلد، ما حصل هو وغيره على الأمان والاستقرار في بلد وفر هذين العنصرين الأساسيين لحياة كريمة بعيدا عن أوضاع مروعة، مثل الحروب والنزاعات التي تدفع بالمدنيين بعيدا عن مجتمعاتهم.
سأصوت للبقاء في الاتحاد الاوروبي، وأعتقد انه على غالبية العرب والمسلمين ومن يشكلون جاليات، ولا أقول أقليات في هذا البلد، فعل الأمر نفسه، ليس فرضا لموقف شخصي على الآخرين، بل من منطلق انه على هذه المجموعات، ان تفهم، ان الاتحاد الأوروبي رغم علاته التي يتحدث عنها البعض، إلا انه صمام أمان، لأمثالنا، ممن سيكونون ضحية مجتمع سينغلق على نفسه ضمن حالة الفزع إياها من "الغرباء"، خصوصا وان حالة التفكك مرشحة للانطلاق داخل بريطانيا بعد الخروج من الاتحاد الاوروبي، لتحرك رغبة الاسكتلنديين على الانفصال وربما شمال ايرلندا ثم ويلز، لتبقى الجاليات من مقيمين ومواطنين، رعايا في "انجلترا الصغرى"، بدل ان يكون افرادها مواطنين في بريطانيا الكبرى، جملة ختم بها ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني، النقاش العام الذي استضافته قناة ITV قبل اسابيع بين الفريقين، واختم أنا بها مقالتي في هذا الاتجاه.