جوسلين إيليا
إعلامية وصحافية لبنانية عملت مقدمة تلفزيونية لعدة سنوات في لندن وبيروت، متخصصة في مجال السياحة.
TT

وداعًا للحلومي

الحلومي من ألذ أنواع الأجبان، لا سيما إذا كانت مشوية بطريقة صحيحة، طرية من الداخل ومحمرة من الخارج مع بعض من حبوب السمسم. ولطالما كانت ولا تزال الفلافل في ساندويتش مع صلصة الطحينة «الطراطور» والخضراوات، على رأس لائحة ما يجب أن أفعله في كل مرة أزور فيها لبنان. ولكن المشكلة تكمن اليوم في الذي حصل بعد الكوابيس «الحلومية» التي أطلقتها أحلام (مغنية إماراتية) بسبب إيقاف برنامجها الذي بدد حلم «الحلوميين» (المعجبين بها وبفنها). ولأنها لم تستطع الرد على من طالب بإيقاف برنامجها على قناة دبي أطلقت حملتها العشوائية على الشعب اللبناني. أعرف أن هذا ليس بشيء جديد، لذا فلن أكرر القذف والذم اللذين سجلهما التاريخ على وسائل التواصل الاجتماعي بجميع أشكاله. والمؤسف أن هذا المنبر هو من أهم الإنجازات في عصرنا الحالي، ولكن انظروا إلى أي مستوى تدنى استخدامه. فبدلا من أن يبقى منبرا لتحسين المجتمعات وتقريب المسافات أصبح مسخرا للمسخرة.
بالعودة إلى القصة، فقد جعلتني أحلام أتجنب تناول جبن «الحلومي»، فللأسف بمجرد أن أرى قالب الجبنة البريء، أتذكر الكابوس وزلة أصبعها (وليس لسانها) عندما اختارت أن تنعت اللبنانيين بأجمعهم ببياعي الفلافل. ولكن ما المشكلة في بيع الفلافل وفي أن تكون مهنتك شريفة تبيع من خلاها ألذ طبق نباتي تتحارب على أحقيته وملكيته الدول؟ وما كان قصدها من ذلك؟ هذا ما أريد أن أفهمه، فإذا كان الشخص يبيع الكباب فسيفلت من «نعت» أحلام؟ كما أن اختيار كلمة «حلومي» لتكون شعارا لمعجبي «أحلام» غير موفق على الإطلاق، فكيف يفكر «أفلاطون عصره» الشخص الذي ارتأى بأن «حلومي» هي التسمية الأفضل لأتباع أحلام ومؤيدي فنها؟ فكان من المجدي اختيار «الحالمون» أو «أحلاميون» ولكن «حلومي»؟ فكيف وافقت هي ذاتها على هذه التسمية؟ ألم يخطر ببالها أنها ستعرضها للسخرية بغض النظر عن تدني مستوى البرنامج الذي اكتفيت بمشاهدة مقاطع منه على «يوتيوب» فقط لكي أواكب الفضيحة والأخبار المرافقة لها.
معلومة بسيطة فقط، فكرة البرنامج منقولة «بتصرف» إذا صح التعبير، لأن العقول العربية جف إبداعها منذ فترة فأصبحت برامج معظم القنوات العربية منقولة عن قنوات أجنبية، وفي المرة التي أرادوا فيها أن يبتكروا فكرة كانت هذه هي النتيجة؟
فكرة «الملكة» بالأساس تعود إلى برنامج «ذا إبرانتيس»، الذي يعرض في بريطانيا ويكون حلم المشتركين العمل لصالح عملاق عالم المال والأعمال السير الآن شوغار، صحيح أنه شهير بمقولة «You are fired» وتعني (أنت مطرود)، ولكن البرنامج وعلى الرغم من قساوته على المشتركين في تقديم الأفضل للفوز بعقد عمل في شركة شوغار لا يتعدى الأخلاقيات والأدبيات ويبقى في حدود الاحترام ولو أن المنافسة تكون شديدة جدا.
فتخيل أن المشتركين في برنامج «الملكة» هم مستعدون للخيانة.. من أجل الحصول على خاتم «حلومي»، ولو سألوني عن رأي لقلت لهم: «والله قالب جبن حلومي أفضل وألذ وأكثر إفادة».
أما بالنسبة للفلافل، أعود وأشدد بأن لا مشكلة في أكل أو بيع الفلافل على الإطلاق ولا يجب على اللبنانيين مواصلة حملة الغضب ضدها، فليست هناك دراسة تؤكد بأن من يأكل الفلافل هو دوني ولا يستطيع أكل اللحم، غير أن المشكلة تكمن في أن من اكتشف أكل اللحم في الكبر فسيتذمر من أكل الطعام الشعبي الرخيص.