جوسلين إيليا
إعلامية وصحافية لبنانية عملت مقدمة تلفزيونية لعدة سنوات في لندن وبيروت، متخصصة في مجال السياحة.
TT

اللهم نجنا من «الكونتور»

يا إلهي!
لا تظنوا أني أقوم بدور مدبلج في مسلسل مكسيكي، بل أنا فعلا وحقا أناجي ربي وإلهي، وأسأله أن يتوب علينا من أشكال «الكونتور» الفاشل.
إذا كنت لا تعرف عما أنا أتكلم وما هو الكونتور، فهو ببساطة أسلوب جديد للتبرج أو الماكياج على طريقة فيلم «أفاتار»، بمعنى أنه يرتكز على تلوين ملامح الوجه بألوان متدرجة من كريم الأساس، التي من شأنها أن تلعب على الضوء وتخفي الشوائب والعيوب والأنف الكبير وتحدد الخدود وتجعلها أكثر بروزا.
هذا هو الكونتور، ولكن ما هي غايتي من كتابة هذه السطور؟ المشكلة لدى البعض أنهم لا يتمتعون بفكر مبدع ويستبدلون بالتقليد الابتكار، مع العلم بأن للتقليد أصوله ويجب أن يكون المقلد لديه عين ثاقبة وقدرة عالية على نقل ما تراه عينه بكل الحذافير، وهنا أتكلم عن الفئة التي تعاني قصرا في النظر ولا يمكنها حتى التقليد، ولكن تقليد من؟ كيم كرداشيان (الأميركيون أنفسهم لا يعرفون مهنتها بالضبط)، أو إحداهن من اللاتي فتحن قنوات خاصة على «يوتيوب» لكي يتحفن المقلدات الفاشلات بهذا الأسلوب الفاشل من التبرج.
إذا كان لديك بعض الوقت وأردت أن ترفه عن نفسك وتدغدغ عينيك بمن يتشابهون مع أفاتار بالشكل، وليس بالفكر، لأن أفاتار تتميز بالفكر والفلسفة كيف لا وهي إلهتها؟ أدعوك إلى معاينة بعض هذه النماذج على الإنترنت من خلال البحث عن الكونتور الفاشل، وأبرز مثال مضحك على أسلوب الكونتور الفاشل، عندما ظهرت الممثلة الأسترالية نيكول كيدمان في إحدى الحفلات، وبدا وجهها وكأنه ملطخ بالدقيق، وطالتها الكثير من التعليقات الساخرة ووصفها البعض بأنها تعمل في أحد الأفران، لأنها بالغت في استعمال البودرة البيضاء على منطقة الأنف وتحت العينين.
ليست هناك مشكلة في تجربة كل ما هو جديد، ولكن لا يجوز أن يصبح الشواذ على صواب، لدرجة أننا نرغم العين على تقبلها له بالقوة، وهنا فإن هذا النقد لا يطالنا نحن في المنطقة العربية فقط بل اللاتي فشلن في تطبيق هذا الأسلوب من السيدات الغربيات أيضا.
وفي مقطع فيديو بثته إحدى الفتيات على الإنترنت انتقدت فيه مظهر الفتيات اللاتي يغالين في التبرج، وأهم ما قالته هو أنهن يقمن بوضع كريم الأساس على وجوههن وكأنهن يقمن بدهن جدران الشقة. واستحوذ هذا التعليق على إعجاب الكثيرين من الذين لا يستهويهم هذا النوع من المظهر.
التبرج جميل، وليس هناك ما هو أجمل من استخدامه في مكانه، فالله جميل يحب الجمال، ولكن عندما تتحول الوجوه إلى ما هو أشبه بالأقنعة التي نراها في مهرجان البندقية السنوي، ينقلب السحر على الساحرة لتصبح ساحرة حقيقية ولا ينقصها إلا مكنسة قش.
إذن ما هي العبرة من هذا الماكياج المضحك؟ بصراحة لا أعرف، ما أعرفه هو أنه أسلوب جديد في تطبيق مستحضرات التجميل ولكنه مضحك بعض الشيء عندما يكون تطبيقه خاطئا، فترى تارة شيئا يشبه نخلة بيضاء اللون على الجبين وشيئا آخر يشبه العمود الفقري داكن اللون على الأنف وخطين استوائيين على منطقة الخدود، وبعدها قد تنسى السيدة الجزء الثاني من التطبيق وتترك المرحلة الأولى منه على هذا الحال لتبهرنا بهذا الشكل الغريب والعجيب، ولكن بالنسبة لها فهي تواكب الموضة وتشرح لذويها عن ركوبها لموجات العصر وأعاصيره، ويا لها من أعاصير!
لا يمكن القول عند رؤيتها إلا «اللهم نجنا من الكونتور.. اللهم آمين».