خالد محمود
TT

عن إيران التي لا نعرف

إذا تكلمنا عن الخلاف ما بين المذاهب والديانات فانه من الأمور الشائعة والمعروفة في حياتنا، إلا ان تجيير الحكم لصالح مذهب معين أو ديانة معينة على حساب ومصلحة وحقوق المذاهب والديانات الاخرى، فهذا أمر شنيع لا يمكن السكوت عليه، وهذا ما تفعله ايران بالضبط.
فالمسألة هنا تجاوزت فكرة الخلاف التقليدي بين السنة والشيعة، إلى الطريقة التي يرى بها النظام الايراني نفسه في المنطقة.
التدخل الايراني كان يعكس بالأساس رغبة في تحقيق زعامة موهومة، خاصة بعد الاتفاق المريب والمثير للجدل الذي تم إبرامه بين الولايات المتحدة والنظام الايراني حول برنامجه النووي.
آنذاك بدا أن الأميركان يتفهمون دوافع إيران للحصول على تعزيز نفوذها الاقليمي، قبل أن يكتشفوا معها أن للصبر حدودا وأن العرب لن يقفوا مكتوفي الأيدي وعواصمهم تتآكل واحدة بعد الأخرى.
الآن وقد بدأ ما يمكن اعتباره بالمرحلة الأولى من مواجهة التمدد الايراني عربيا، فان الأمر الجدير بالاهتمام هو تعرية إيران من الداخل، لكي يتوقف هؤلاء الذين يراهنون عليها.
قد لا يعرف الكثيرون أن السنة في إيران محرومون من تولي منصب الرئاسة أو التعيين في مختلف الوزارات والدوائر الحكومية، على الرغم من أنهم يشكلون ربع أو خمس سكانها على أقل تقدير.
وبموجب نص الدستور الايراني فان المذهب الرسمي هو الشيعي الجعفري الاثنا عشري ويجب أن يكون رئيس الجمهورية من الشيعة، وهو أمر يعنى بالضرورة أن ليس بإمكان السنة أن يفكروا يوما بالحلم في الترشح للرئاسة.
قبل فترة أخبرني الشيخ عبد الحميد إسماعيل الزهي، وهو المرجع الديني لأهل السنة في إيران، أن ليس لدى السنة الإيرانيين شخص واحد في أي من دوائر السلطة والحكم.
العدد المقدر للسنة هناك يصل إلى 15 مليونا من اجمالي السكان البالغ عددهم 70 مليون نسمة.
ونسبة السنة ضمن قوات الشرطة تكاد تكون معدومة، بينما هي منعدمة تماما في صفوف الجيش الايراني.
وعلى سبيل المثال لا الحصر تخلو العاصمة الإيرانية طهران من مسجد واحد للسنة؛ وهو أمر ستراه يتكرر في عدة مدن أخرى من بينها أصفهان وكرمان ويزد، بل ان المصلى الوحيد الذي أقامه السنة هناك هدمه الإيرانيون في شهر يوليو( تموز) من العام الماضي.
وقبل سنوات ألزم المجلس الأعلى للثورة الثقافية أهل السنة بتفويض مدارسهم الدينية ومراكزهم التعليمية إلى السلطة، ما يعني سلب حريتهم المذهبية بشكل كامل.
وليس لدى السنة أي فرصة في الحصول على أي من المناصب الرسمية والرئيسية، ومنذ الإطاحة بنظام شاه إيران الأسبق، فلم يتم توظيف أي سني كنائب للرئيس أو كوزير في وزارة، أو كنائب للوزير، أو كسفير للبلاد، أو كرئيس لمحافظة من المحافظات.
والحاصل هو أن أهل السنة ممنوعون بشكل كامل من تولي منصب الرئاسة أو الوزارات والدوائر الحكومية، بسبب التزامهم بعقائدهم وآرائهم المذهبية.
وليس سرا أن الضغوط التى تمارسها السلطات الإيرانية على أهل السنة أيضا في القضايا التعليمية، يدفعهم إلى تعليم أبنائهم وتربيتهم في بعض المناطق بشكل سري.
وخلال هذا العام الذي انتهى للتو 2015 أعدمت إيران حوالى ألف شخص بتهم مختلفة، وفي العام الذي سبقه 2014 أعدمت حوالى 700 شخص وفقا لتقارير منظمة العفو الدولية ومنظمات أخرى.
الحديث عن الاعدامات - والتي هي شأن داخلي سعودي - حديث يتجاهل حقائق التاريخ والجغرافيا، ويحاول جاهدا رسم خارطة جديدة للمنطقة، وهذا لم ولن يكون.