دانا ميلبانك
TT

سلبية أوباما المحيرة

أثّرت عواقب سلبية السياسة الخارجية للرئيس باراك أوباما على المواطنين الأميركيين أنفسهم هذا الأسبوع.
يقبع زميلي جيسون ريزيان، مدير مكتب صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية في طهران، في سجن إيراني منذ 15 شهرًا، بناء على اتهامات زائفة بالتجسس. وجرت محاكمته سرًا أمام محكمة صورية. وأفاد التلفزيون الرسمي الإيراني، يوم الأحد، بأن المحكمة أدانته.
ولم يقل أوباما أي شيء حيال هذا الأمر. ولم يذهب إلى غرفة الاجتماعات ليدلي بتصريح. ولم يُصدِر حتى بيانًا مكتوبًا بشأن القضية.
وأجاب سكرتيره الصحافي، يوم الثلاثاء، ردًا على سؤال لأحد الصحافيين خلال مؤتمر صحافي، بما يمكن وصفه بأنه انزعاج طفيف مع النظام الإيراني.
أين ذهبت المطالب بالإفراج الفوري عن ريزيان والاثنين أو الثلاثة أميركيين الآخرين الذين تحتجزهم إيران فعليًا كرهائن؟ وأين التهديد بالعواقب إذا رفضت طهران؟ وماذا عن بعض الغضب اللازم الذي يدين إيران لاحتجازها صحافيًا أميركيًا لمجرد تأديته وظيفته؟ وحتى إذا ذهب غضب أوباما هباء، سيكون من المفيد الاستماع إلى الرئيس وهو يدافع عن القيمة الأميركية الرئيسية بحرية التعبير.
ويقول المسؤولون الذين يدافعون عن نهج أوباما المفكك، إن هذا الأمر نموذج على دبلوماسية الصبر، وإيمان الرئيس باللعب على المدى الطويل. ويجادل المسؤولون بأنه إذا تحدث أوباما بحماس عن ريزيان، فإنه بذلك يجعل صحافي «واشنطن بوست» أكثر قيمة للإيرانيين كورقة مساومة. ولهذا السبب لم يجعل أوباما مسألة الإفراج عن ريزيان (والأميركيين المحتجزين الآخرين) شرطًا في الاتفاق النووي الإيراني.
وفي حالة زميلي، من المحير أن الإدارة الأميركية لا تستخدم نفوذها الكبير في سبيل إطلاق سراحه. ومع تخفيف العقوبات على طهران جراء إبرام الاتفاق النووي، تتعطش إيران للاستثمار الأميركي.
هل حقًا تضر تحذيرات الرئيس بأن الشركات الأميركية ستكون مترددة في إنشاء سوق لها في دولة تختطف وتحتجز أميركيين من دون أي سبب؟ ربما سيُذكِّر الأوروبيون – الحريصون على الاستثمار في إيران – الإيرانيين بهذا الأمر؛ نظرًا لتعامل طهران مع المواطنين البريطانيين والكنديين بالمثل.
ومما يُحسب لوزير الخارجية الأميركي جون كيري أنه يفعل الكثير من وراء الكواليس لمحاولة تأمين الإفراج عن ريزيان.
ويشير المسؤولون الأميركيون إلى أن الرئيس الإيراني حسن روحاني المعتدل (نسبيًا) ووزير خارجيته محمد جواد ظريف سيكونان في موقف أقوى لدفع رجال الدين (آيات الله) للإفراج عن الأميركيين بعد أن يؤدي رفع العقوبات إلى تعزيز الاقتصاد الإيراني. ويعتبر هذا الهدف نوعًا من تبادل الأسرى، بحيث يُطلق سراح ريزيان – وربما الأميركيين الآخرين – في مقابل إطلاق سراح هؤلاء المحتجزين في الولايات المتحدة لانتهاكهم العقوبات ضد إيران.
ومع ذلك، يعد الموقف العام للبيت الأبيض محيرًا، حتى لبعض المسؤولين في الإدارة الأميركية.
ويقول هؤلاء الذين تحدثت معهم من داخل وخارج الإدارة، إن هذا التفكك أصبح نمطًا مألوفًا في الولايات المتحدة.
وفي قضية تلو الأخرى، تقاوم مستشارة الأمن القومي سوزان رايس ورئيس موظفي البيت الأبيض دنيس ماكدونو المزيد من التفاعل الذي دعا إليه أمثال كيري وسفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة سامانثا باور.
وبدلاً من ذلك، يخطئ أوباما – الذي يخشى الإخفاق بنفس طريقة فشل الرئيس السابق جورج دبليو بوش في حرب العراق – من ناحية أنه لا يقول ولا يفعل إلا القليل حيال المشكلات. وانتهت محاولاته القليلة في السياسة الحاسمة – «الخط الأحمر» في سوريا، على سبيل المثال - بشكل سيئ. وبذلك يصير نهج أوباما متفككًا.
ولا يزال أوباما مترددًا بشأن اتخاذ موقف تجاه العدوان الروسي على أوكرانيا أو التوسع الصيني، كما أنه ليس واضحًا بشكل مثير للجنون حول سوريا.
ولا يتسبب هذا الصمت - والغموض الناتج عنه بشأن موقف الأميركيين – إلا في خلق المزيد من الفوضى، وبالتالي يزيد الحاجة للتدخل الذي يخشاه أوباما بشدة.
وخلال هذا الصيف، شعر أوباما بالغضب عندما سأله ميجر غاريت، مراسل شبكة «سي بي إس»، عن سبب «سعادته - مع كل الضجة حول الاتفاق النووي الإيراني – من ترك ضمير وقوة هذه الأمة، وسبب عدم الأخذ في الحسبان قضية الأميركيين المحتجزين في إيران».
وجاء رد أوباما على غاريت بمثابة تلقينه محاضرة، حيث قال: «هذا هراء، وينبغي عليك أن تعرف القضية بشكل أفضل».
وفقط، لو رغب أوباما في التحدث علنًا بهذه القوة والحماسة مع النظام الإيراني، لكان جيسون ريزيان حرًا الآن.

* خدمة «واشنطن بوست»