د. ثامر محمود العاني
أكاديمي وباحث عراقي شغل العديد من المناصب الإدارية والأكاديمية، بينها إدارة العلاقات الاقتصادية بجامعة الدول العربية. كما عمل محاضرا في مناهج الاقتصاد القياسي بجامعة بغداد ومعهد البحوث والدراسات العربية. يحلل في كتاباته مستجدات الاقتصاد السياسي الدولي.
TT

التعاون الاقتصادي المهم في المنطقة العربية

استمع إلى المقالة

على هامش اجتماعات فعاليات «الملتقى الاقتصادي السعودي العراقي»، الذي انطلق يوم 25 مايو (أيار) 2023 بتنظيم من اتحاد الغرف السعودية والعراقية، ومشاركة أكثر من 300 شركة سعودية وعراقية وعدد من الجهات الحكومية والخاصة، يعد التعاون الاقتصادي بين السعودية والعراق محطة مهمة في العالم العربي، حيث إن السعودية أكبر اقتصاد عربي بناتج محلي إجمالي 833.5 مليار دولار بينما العراق بلغ 209.9 مليار دولار وفقا للتقرير الاقتصادي العربي الموحد 2022، فإن الملتقى فرصة لتعزيز العلاقات الاقتصادية، ورفع حجم الاستثمارات بين البلدين، حيث دعا مستثمرون سعوديون وعراقيون للإسراع بإطلاق أعمال «الشركة السعودية العراقية للاستثمار»، لتمويل مشروعات بقيمة 3 مليارات دولار، وتمكين الشركات العراقية من قروض صناديق التمويل السعودية، واتفقوا على ملامح خطة للتعاون تضمن تنمية التجارة والاستثمارات المشتركة.

ومن المهم الإشارة إلى نمو حجم التجارة البينية بين السعودية والعراق، حيث بلغ حجم التبادل التجاري 1.5 مليار دولار لعام 2022 بنسبة ارتفاع 50 في المائة مقارنةً بعام 2021، ما يعكس عمق واستدامة العلاقات الاقتصادية، وضرورة مواصلة تعزيز التبادل التجاري بين البلدين والاستفادة من افتتاح منفذ جديدة عرعر والإسراع بافتتاح منفذ جميمة الحدودي، على الرغم من الفرق في كفاءة البنية التحتية للبلدين.

يشار إلى دور النفط والغاز في رسم العلاقات الدولية ومستقبل المنطقة، ودور كل من السعودية والعراق الهام، إذ لا بد من أن نحدد العوامل أو المتغيرات التي تحدد أسعار النفط عالمياً. ومن ناحية أخرى يجب أن نشخص أكبر 10 دول تنتج النفط عالمياً، لأنها تلعب دوراً رئيسياً في رسم مستقبل العلاقات الاقتصادية والسياسية الدولية، وهي أميركا حيث تنتج تقريباً 16.49 مليون برميل، وروسيا 10.68 مليون برميل، والسعودية 10.66 مليون برميل، وكندا 5.4 مليون برميل، والصين 4.07 مليون برميل، ثم يليها كل من العراق والإمارات والبرازيل وإيران والكويت.

من ناحية أخرى تمثل دول الخليج العربي السعودية والإمارات والكويت بجانب العراق، اللاعب الأساسي في المنطقة العربية والشرق الأوسط في تحديد حجم ومستويات الإنتاج في العالم، وتمثل مركز الثقل الاستراتيجي من خلال دورها الفاعل في «أوبك بلس»، من خلال تحديد إنتاج وتصدير وأسعار النفط في العالم، ومن الضروري تعزيز الجهود الدولية من قبل السعودية والعراق.

ومن الجدير بالإشارة أن التعاون بين السعودية والعراق في النفط يتضمن دخول شركة «أرامكو» في تطوير أحد الحقول النفطية، الذي ينتج حالياً 60 مليون قدم مكعب من الغاز، لإنتاج ما يزيد على ‏400 مليون قدم مكعب من الغاز، ‏لتزويد الشبكة الوطنية بالغاز اللازم لتوليد الطاقة الكهربائية، إذ جرى إطلاق جولتين من التراخيص لاستثمار وتطوير عدد من الحقول الاستكشافية في المناطق الشرقية والغربية من العراق، حيث تتضمن هذه الرقع كميات كبيرة من الغاز، مع تطلع العراق إلى مشاركة الشركات السعودية لتطوير هذه الحقول، وإنتاج الغاز المطلوب لتوليد الطاقة الكهربائية، وسدّ الحاجة المحلية من هذا الغاز.

‏وتضمَّن الملتقى عدداً من الاتفاقيات التي تخص موضوعات الطاقة، كان على رأسها الاتفاق مع السعودية لتحويل كمية من الطاقة الكهربائية إلى العراق تصل إلى 1000 ميغاواط، وقيام الشركات السعودية بإنشاء محطات لتوليد الطاقة الكهربائية باستخدام الطاقة الشمسية في محافظة النجف، وهذه المحطة ستكون أكبر محطة في العراق باستخدام الطاقة الشمسية. كما جرى الاتفاق بين الطرفين على إنشاء بعض المدن الصناعية في الحدود المشتركة بين البلدين، وهو ما يسهم في تطوير الصناعة والتجارة لكلا البلدين.

وفي إطار الربط الكهربائي، عمل الفريق المشترك لتنفيذ مشروع الربط الكهربائي السعودي-العراقي، بقدرة 1000 ميغاواط، وفق مبادئ الاتفاق الموقعة بين الجانبين، مؤكدين حرصهما وتطلعهما إلى سرعة إنجاز إجراءات الطرح والترسية لتنفيذ المشروع، وعلى أهمية توفير المتطلبات اللازمة لتنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة، بقدرة 1000 ميغاواط، واستمرار المشاورات واللقاءات لتنفيذ مشروع نبراس الشرق للبتروكيماويات.

وفي الختام، يشار إلى ضرورة استمرار التعاون في مجالات التجارة والاستثمار والنقل والخدمات اللوجستية بين البلدين، وتسهيل حركة المنافذ البرية والجوية والبحرية وإجراءات السفر ونقل البضائع، واستئناف الرحلات الجوية المباشرة بين البلدين، وتكثيف التعاون وتبادل وجهات النظر بخصوص المسائل والقضايا التي تهم البلدين على الساحتين الإقليمية والدولية، بما يسهم في دعم وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.