فهد الذيابي
صحافي في جريدة «الشرق الأوسط»
TT

إيران تكشف خطأ أوباما

انتقلت الممارسات الايرانية في المنطقة خلال الآونة الأخيرة من خط التصريحات المسيئة لدول الجوار، إلى منحى أكثر خطورة يتمثل في تجنيد الخلايا الارهابية ومدها بالأسلحة والمتفجرات، من أجل بث قلاقل جديدة تستهدف أمن الخليج العربي بشكل مباشر، وهو ما قلص أي فرصة يمكن أن تترشح للتقارب مع الخليج.
ولم تمر أسابيع قليلة على تمهيد الرئيس الأميركي باراك أوباما الطريق نحو إتمام الغرب اتفاقا نوويا مع إيران، حتى كشفت أجهزة أمنية خليجية عن ضبطها لشبكات متطرفة في دولها مدعومة من طهران وجناحها العسكري حزب الله اللبناني، وهو ما يثبت التحليلات الخاطئة للرئيس الأميركي حين راهن على أن سياسة إيران لا تشكل خطرا على دول المنطقة، رغم اطلاعه على تدخلاتها الميدانية في العراق وسوريا وحملات التجييش الطائفي التي تشنها في بعض دول الخليج.
وخلال مدة وجيزة، ضبطت وزارتا الداخلية في البحرين والكويت عناصر متطرفة قبل أن تنفذ حوادث إرهابية في البلدين، واكتشف بحوزتها ترسانة من القذائف والذخائر الحية، وباتت تلك العمليات الأمنية بمثابة "الروتين" لدى الأجهزة الخليجية؛ حيث سجلت خلال السنوات الماضية نجاحات تمثلت في ضبط خلايا تجسسية تعمل لصالح إيران.
ولا تبدو الاكتشافات الأمنية مفاجئة للشارع الخليجي، كما أنها ليست مصادفة مؤلمة من ناحية التوقيت بالنسبة لايران بعد اتفاقها مع مجموعة الدول 5+1، لكنها على الأقل أظهرت النوايا الإيرانية على حقيقتها تجاه أمن المنطقة وأن إيران تمضي في مشروعها بوتيرة قد تكون أسرع منها قبل تسوية ملفها النووي وعودة أموالها المجمدة في الخارج.
وفي حين أعلنت دول خليجية في طليعتها السعودية في أكثر من مناسبة أنها لا تضمر سوءا تجاه إيران، وترحب بالتقارب معها بصفتها بلدا مهما ضمن منظومة العالم الاسلامي شريطة أن لا تتدخل في شؤونها الداخلية، وأن تكف الدعم والتمويل العسكري للنظام السوري الذي أزهق أرواح 200 ألف مواطن من شعبه حتى الآن، إلا أن الساسة الايرانيين ما زالوا يقدمون دور بلادهم بصورة سلبية لا تعطي انطباعا إيجابيا عن مستقبل علاقتهم الاقليمية.
وبعث الشارع العراقي عبر مظاهراته الأخيرة التي اقتلعت بعض السياسيين من مناصبهم أبرزهم نوري المالكي الذي كان نائبا لرئيس الجمهورية، رسالة لإيران عبر خلالها المتظاهرون عن رفضهم لتدخلاتها في بلادهم ودعمها للرموز السياسية ومن بينهم المالكي، الذي أظهرت التحقيقات وقوع فساد عارم في عهده حين كان رئيسا للحكومة من العام 2006 وحتى 2014، أدى لفقدان العراق أكثر من تريليون دولار من موازنته.
غير أن أكثر ما كان لافتا خلال المظاهرات العراقية هو موقف الشيعة الذي كان مناهضا لطهران، ووقفوا إلى جانب نظرائهم السنّة، وهو تطور يمكن أن يسهم في إذابة الخلافات المذهبية، وقطع الطريق على مخططات الفتنة التي ظل رجال الدين في إيران يرسمونها للوقيعة بين أبناء الوطن الواحد، على الرغم من أنهم أثبتوا تعايشهم ونبذهم للفرقة خلال العقود الماضية.
وظهرت الميليشيات الممولة من إيران في المنطقة بشكل وحشي خصوصا في اليمن، حيث مارس الحوثيون أنواع القتل والتنكيل تجاه السكان، وأدت الهزائم الأخيرة التي لحقت بهم في بعض المدن التي حررتها المقاومة الشعبية بغطاء جوي من دول التحالف، إلى الانتقام من أبناء جلدتهم عبر تدمير المنازل والمستشفيات والبنية التحتية، إلى جانب استخدامهم الأسرى دروعا بشرية أمام قصف الطائرات.