وائل مهدي
صحافي سعودي متخصص في النفط وأسواق الطاقة، عمل في صحف سعودية وخليجية. انتقل للعمل مراسلاً لوكالة "بلومبرغ"، حيث عمل على تغطية اجتماعات "أوبك" وأسواق الطاقة. وهو مؤلف مشارك لكتاب "أوبك في عالم النفط الصخري: إلى أين؟".
TT

غاز الدرة

استمع إلى المقالة

هناك في بقعة على الخريطة في المنطقة المقسومة بين الكويت والسعودية يقع حقل للغاز اسمه الدرة. هذا الحقل يحمل كميات كبيرة جداً من الغاز الطبيعي الحر قد تصل إلى ملياري قدم مكعبة يومياً إذا ما تم استغلاله. ولكن هذا الحقل يرقد إلى اليوم في سبات.

السبات في غالبيته ليس لأسباب فنية، إذ إن السعودية مع الكويت قادرتان على الإنتاج من الحقل ولكن الحقول البحرية مثلما نعرف تقع في مناطق حدودية وهناك العديد من الأمور المتعلقة بترسيم حدودها واتفاقيات مشتركة لتقاسم الثروات، وما إلى ذلك.

ولا يوجد مثال أوضح على هذا من منطقة المحيط المتجمد الشمالي، حيث هناك العديد من الثروات النفطية، ولهذا هناك هيئة مختصة بإدارة الموارد في المحيط بين الدول التي تتقاسم حدوده، وهذه الهيئة تترأسها روسيا الآن وستنتقل الرئاسة قريباً إلى النرويج.

الأمر نفسه في المنطقة المقسومة مع حقل الدرة، حيث تتقاسم ثلاث دول حدوده؛ وهي إيران والسعودية والكويت، وفيما تسميه الأخيرتان «الدرة»، تطلق عليه إيران اسم «أراش».

وفي العام الماضي أصدرت السعودية والكويت بياناً جددتا فيه دعواتهما لإيران للتفاوض حول ترسيم الحدود الشرقية للحقل، حتى تستطيعا تطويره بشكل سريع. هذه الدعوة سبقتها دعوات ولا يزال الوضع كما هو، فيما اتفق الجانب السعودي والكويتي على المضي قدماً في كل ما يتعلق به، وأصبح الاثنان طرفا تفاوضيا واحدا.

ومع تحسن العلاقات بين السعودية وإيران وما نقلته بلومبرغ عن حساب تابع للحكومة الإيرانية، ذكر على لسان وزير شؤونها الاقتصادية والمالية أنه تباحث مع نظيره السعودي حول الاستثمارات في قطاع النفط والغاز، رجع التفاؤل للمراقبين أمثالي حول إمكانية رؤية غاز الدرة يتدفق إلى السطح ويغذي معامل الغاز في البلدين.

السعودية والكويت تحتاجان إلى كل جزيء غاز يمكنهما إنتاجه بلا أدنى شك. وقد تكون الكويت في الحاجة إلى الغاز أكثر من السعودية؛ نظراً لأن السعودية أصبح لديها أكثر من مشروع للغاز الطبيعي الحر وكمياته في ازدياد مستمر وخلال سنوات قليلة ستضيف ملياري قدم مكعبة يومياً من غاز الجافورة غير التقليدي، في مساعي أرامكو لزيادة إنتاج الغاز وهو ما سيجعل طاقتها الإنتاجية بلا أي شك فوق مستويات 23 مليار قدم مكعبة يومياً خلال عقد من الزمان أو أقل؛ حيث بلغ إجمالي إنتاجها نحو 18 مليار قدم مكعبة يومياً بنهاية عام 2022.

بينما لا يوجد لدى الكويت كثير من الغاز الحر باستثناء بعض الغاز من المكامن الجوراسية، الذي يعتبر غازا حامضا ويحتاج لمعالجة أكثر لاستخدامه. والكويت التي لا تمتلك سوى استيراد الغاز الطبيعي المسال، في أشد الحاجة لغاز الدرة.