حمد الماجد
كاتب سعودي وهو عضو مؤسس لـ«الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان السعودية». أستاذ التربية في «جامعة الإمام». عضو مجلس إدارة «مركز الملك عبد الله العالمي لحوار الأديان والثقافات». المدير العام السابق لـ«المركز الثقافي الإسلامي» في لندن. حاصل على الدكتوراه من جامعة «Hull» في بريطانيا. رئيس مجلس أمناء «مركز التراث الإسلامي البريطاني». رئيس تحرير سابق لمجلة «Islamic Quarterly» - لندن. سبق أن كتب في صحيفة «الوطن» السعودية، ومجلة «الثقافية» التي تصدر عن الملحقية الثقافية السعودية في لندن.
TT

تدمير الصواريخ الإيرانية قَرصة أُذن

الهجمات «الغربية» والإسرائيلية على إيران والمصالح المشتركة بين الطرفين تُربك البعض ولا يستوعب هذا التناقض «الظاهر»، مثل الضربة التي «وُجِّهت» إلى إيران مؤخراً بالمسيَّرات، وواضح من استخدامي لصيغة الفعل المبني للمجهول «وُجِّهت»، أن الذي وَجَّه الضربة مستتر كالضمير المستتر، الفرق أن استخدام المسيَّرات «درونز» مستتر بلا ضمير، وهذا ما صنعته إيران بهجماتها المسيَّراتية المستترة بلا ضمير ولا إنسانية ضد عدد من دول المنطقة وبخاصة السعودية، التي تحمّلت وتتحمل الثقل الأكبر في مقاومة التغلغل الإيراني في اليمن خاصة والمنطقة عامة.
قيل في البدايات إن سلاح الجو الأميركي نفَّذ هذا الهجوم المستتر، ثم نفت ضلوعها فيه، والآن تبدو أن بصمات الهجوم تشير إلى شبهة إسرائيلية قوية، والغاية هي تمرير رسائل لإيران بأننا لن نسمح بمواقع إنتاج الصواريخ الباليستية، ويعزز هذه الشبهة تاريخ من الهجمات الإسرائيلية، وهو ما أشارت إليه صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية بأن معظم الاستخبارات الغربية والمصادر الإيرانية نسبت الفعل إلى الموساد لهجمات ناجحة مماثلة ضد منشأة «نطنز» النووية الإيرانية في يوليو (تموز) 2020، ومرفق نووي مختلف في «نطنز» في أبريل (نيسان) 2021، ومنشأة نووية أخرى في كرج في يونيو (حزيران) 2021 وتدمير نحو 120 طائرة إيرانية من دون طيار أو أكثر في فبراير (شباط) 2022.
وفي كل الأحوال ومهما كان فاعل الضربة مبنياً للمجهول وأداة الضرب مستترة، فواضح أن شبهة الفاعل غربية وبمساندة إسرائيلية وربما العكس، وهنا يُطرح التساؤل: إذا كان للولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل والدول الغربية المؤثرة مصالح مشتركة معروفة مع إيران لا يحجبها ضجيج هتافات الملالي في قُم (الموت لأميركا، الموت لإسرائيل)، فلماذا الهجوم المتكرر على منشآت عسكرية إيرانية؟
ولا أدل على الرضا الإسرائيلي والغربي المستتر عن إيران والحاجة إليها لخلخلة دول المنطقة، كما تخلخل بالفعل العراق وسوريا ولبنان واليمن والقائمة المستهدفة طويلة، من التغاضي عن المفاعل النووي الإيراني والتمتع بمماطلاته مع الغرب عبر مفاوضات زمنية طويلة ومملّة، نسمع جعجعتها ولا نرى طحينها، فلماذا إذاً دعوى العداوة واتهام إيران وأذنابها في المنطقة العربية بالإرهاب، وعدم معاملتها على هذا الأساس؟ لا نعلم لماذا هذه المماطلة وعدم الجدية في التعامل معها هي وميليشياتها الإرهابية.
أميركا والغرب لهم مصالحهم التي تختلف عن مصالح قُم، لكن للغرب «الاستعماري» مصلحة كبرى في جعل نظام ملالي إيران مبعث قلاقل واضطرابات لبقية دول المنطقة ولتبقى مفككة مهلهلة عالة على الآخرين، فالضربة الغربية الإسرائيلية المشتركة الأخيرة لإيران هي تأديب لها لأسباب عدة، منها لأنها تبيع المسيَّرات للروس، ولأن الغرب يريد لإيران قوة ونفوذاً لا يتعدى السقف المصمَّم غربياً وإسرائيلياً، فإذا لامست عمائم إيران السقف قَرَص الغرب الأذن الإيرانية، كما قرصها مؤخراً في أصفهان.