ميشيل غولدبرغ
خدمة «نيويورك تايمز»
TT

القوة الثقافية لن تنقذ التقدميين

أندرو بريتبارت، مؤسس موقع Breitbart News اليميني، قال ذات مرة إن «السياسة تسير في اتجاه مجرى نهر الثقافة»، وها هم المحافظون يكررون مقولته بتبجيل منذ ذلك الحين.
يساهم هذا الاعتقاد في إحساس اليمين الأبدي بالمظلومية. قد تمنح النزعة الريفية في النظام الأميركي الجمهوريين سلطة سياسية غير متكافئة، لكن التقدميين يتمتعون بنفوذ كبير في الأوساط الأكاديمية ووسائل الإعلام والفنون. قال الرجل المجري القوي فيكتور أوربان في خطاب ألقاه الأسبوع الماضي في مؤتمر «CPAC» الأميركي المحافظ والمؤثر والذي عقد في بودابست للمرة الأولى، «كمحافظين، يتمثل نصيبنا في أن نشعر حيال الحياة العامة لدولتنا كما عبر المطرب البريطاني ستينج في نيويورك في أغنيته (مغترب في بلادي)».
يبدو أن التقدميين يؤمنون أحياناً بمبدأ أندرو بريتبارت أيضاً، ويتصرفون كما لو أن طريقة تغيير العالم هي تغيير الطريقة التي نصف بها عالمنا. في أحسن الأحوال، يمكن لقواعد لغة تيار اليسار المتغيرة دوما أن تدفع الأعراف الاجتماعية في اتجاه أكثر ملاءمة. وفي أسوأ الأحوال، قد يكونون مظلومين ومنفصلين. وفي كلتا الحالتين، فإنها تعكس الخيار بشأن أين تتركز الطاقة السياسية.
هذا الاختيار يعد مفهوماً لأنه من المنطقي أنه في مواجهة المزايا الهيكلية للحق، سعى بعض التقدميين إلى ممارسة التأثير في المجالات الأكثر استجابة للثقافة ولمجال الأعمال. يمكن للشركات أن تكون أكثر قابلية للحركة من الكونغرس. لم تؤد عمليات إطلاق النار الجماعية التي باتت سمة عادية للحياة الأميركية إلى سيطرة على الأسلحة على مستوى البلاد، لكنها تسببت في قيام وول مارت بتقليص مبيعات الذخيرة. فالناس تتشاجر حينما يشعرون بأن لديهم فرصة للانتصار.
لكن الانتصارات الثقافية البحتة لا تتناسب مع القوة الغاشمة للسياسة. أحد الدروس المستفادة من صعود أوربان في المجر هو أن القوة الصارمة للدولة يمكن أن تسحق القوة الناعمة للمثقفين والفنانين وصانعي الذوق العام، وهو الدرس الذي يتعلمه المحافظون الأميركيون.
لنبدأ مع ديزني، في مارس (أذار)، تحدثت الشركة تحت ضغط من بعض موظفيها ضد مشروع قانون فلوريدا «لا تقل شاذ».
الإجابة السهلة هي أن تظلَّ صامتاً بشأن القضايا الاجتماعية المثيرة للجدل حيث نصحت مذكرة من شركة العلاقات العامة «Zeno» لعملاء بالرد على رأي المحكمة العليا المسرب بإلغاء قانون «Roe v. Wade» - قانون يمنح المرأة حرية الإجهاض من دون قيود - لتجنب اتخاذ موقف لا يمكنهم التراجع عنه، خاصة عندما يكون القرار غير نهائي. كان العديد من المحافظين مبتهجين بشأن الهدوء النسبي لمديري الشركات الصريحين في السابق. قال لي الناشط المحافظ كريس روفو: «كانت الحملة ضد ديزني دليلاً حقيقياً على مفهوم كيف يمكن لليمين السياسي ترويض رأس المال المستيقظ».
بدلا من إدانة الوفاة المحتملة لهذا القانون، وعدت بعض الشركات الموظفين المنتمين للحزب الجمهوري بدفع تكاليف السفر المتعلقة بالإجهاض.
ليس فقط الإجهاض هو الذي يجعل القانون يعيد تشكيل الثقافة. فالمعلمون في العديد من الولايات يشعرون بالرعب من التحدث إلى طلابهم عن المثلية الجنسية أو العنصرية. ولذلك يريد نائب حاكم تكساس، دان باتريك، تمديد حظر الولاية على تدريس نظرية العرق النقدي إلى التعليم العالي، واقترح عقوبة الفصل من العمل في الكليات والجامعات العامة للتخلص من الأساتذة غير المتعاونين في هذا الصدد.
مؤخراً، سعى اثنان من السياسيين في ولاية فرجينيا إلى إصدار أمر تقييدي لمنع شركة «بارنز أند نوبل» من بيع المذكرات المصورة والرواية الخيالية «إكورت أف ميس آند فيوري» للقصّر من دون موافقة الوالدين، وهي جزء من دعوى قضائية أوسع بشأن بيع الكتب. عندما قرأت عن الدعوى التي تجادل بأن الكتب فاحشة، قمت بإرسال رسالة بالبريد الإلكتروني إلى جوناثان فريدمان، مدير حرية التعبير والتعليم في مؤسسة «بن أميركا»، متسائلاً عما إذا كان من الممكن بالفعل أن يكون لتلك الدعوى تأثير.
كان رده المخيف أن ذلك ممكن وأن الأمر متروك للقضاة لاتخاذ قرارات بشأن ما هو فاحش، وقد وضع الجمهوريون الكثير من قضاة اليمين المتطرف على منصة المحكمة. حتى لو فشلت هذه الدعوى في النهاية، يتوقع فريدمان أن يكون لها تأثير مخيف على بائعي الكتب عندما يقررون نوعية الكتب الممكن الاحتفاظ بها.
قال أوربان إن السياسيين المحافظين في أميركا وأوروبا الغربية يواجهون مشكلة «عالجها المجريون بالفعل بنجاح». تكمن المشكلة في أن «الليبراليين التقدميين» يسيطرون على وسائل الإعلام و«ينتجون كل أعمال التلقين السياسي للثقافة العالية والجماهيرية». حل أوربان هذه المشكلة من خلال الرقابة والمضايقات القانونية والبيروقراطية للفنانين والكتاب ووسائل الإعلام غير الودودين. ولذلك فقد اتضح أن الثقافة تسير في نفس اتجاه مجرى نهر السياسة.
* خدمة «نيويورك تايمز»