جوسلين إيليا
إعلامية وصحافية لبنانية عملت مقدمة تلفزيونية لعدة سنوات في لندن وبيروت، متخصصة في مجال السياحة.
TT

هل وراء كل نجاح امرأة دعم رجل؟

استوقفتني مقابلة أجراها أحد مقدمي البرامج المثيرة للجدل في لبنان مع الممثلة ماغي بوغصن، الأسئلة كانت مستفزة وكانت تدور بمجملها حول نجاح بوغصن كونها متزوجة بجمال سنان صاحب واحدة من كبرى شركات الإنتاج في لبنان، وللحق لفتتني بوغصن بهدوئها وببرودة أعصابها، خصوصاً عندما توجه إليها المذيع قائلاً بما معناه: «نجاحك سببه زواجك بصاحب شركة إنتاج ولهذا نراكِ تقومين بأدوار البطولة في الأفلام والمسلسلات». فكان جوابها وباختصار: «هل تعتقد أن تمثيلي يعتمد على زواجي أم على موهبتي؟ وإن كان الأمر كذلك لطلبت من زوجي أن ينتج لي عملاً أغني فيه الأوبرا، فلو حاولت أن أغني أوبرا لفشلت، ولن ينفعني زوجي»، واختصرت بوغصن بهذه العبارة وقاحة السؤال.
بعد مشاهدة أعمال عدة لماغي بوغصن، وبعد رؤيتها وهي تؤدي أدواراً خفيفة وكوميدية وأخرى قوية وجدية مثل دورها في مسلسلها الأخير «للموت» لا يجوز أن يتجرأ أحد على اتهامها بأن سر نجاحها هو زواجها برجل أعمال وصاحب شركة إنتاج.
التمثيل من المهن الواضحة والصريحة التي تبدو جلية للعموم، فالناس ترى وتقيم وتنتقد وتقدر وتحب وتكره، الناس أجناس وتختلف في آرائها، ولكن ما لا يختلف عليه اثنان هو الموهبة.
صحيح أنه يقال وراء كل رجل عظيم امرأة ولكن لا يعني هذا القول أن المرأة تدعم الرجل وإنما قد تسهم في خلق عالم من الهدوء والطمأنينة للرجل تساعده من خلاله على النجاح بدلاً من تحويل يومياته إلى أيام نكد وجحيم، ولكن عندما ترتبط المرأة برجل ميسور ينظر إليها على أنها وصولية وتسعى وراء مصلحتها لدرجة أن البعض يتنكر لموهبتها وكيانها وشخصيتها تماماً مثلما حصل مع الممثلة بوغصن.
من المؤسف أن نرى وفي هذا الزمن مثل هذه النظرة الدونية للمرأة العاملة والذكية والموهوبة، أنا لا أدافع عن المرأة لأنها قادرة على الدفاع عن نفسها، ولكني أحاول تصحيح فكرة خاطئة تظلم المرأة وتحد من قدراتها وترسمها بريشة قذرة تجعل منها لوحة ناقصة لا تميزها إلا ألوانها من دون أن تظهر جمالها الباطني والمخفي بين طيات الألوان الزاهية. حالة ماغي بوغصن ليست فريدة من نوعها، فالمرأة الجميلة على وجه الأخص تتعب كثيراً لتثبت نفسها وموهبتها لأن جمالها يظلمها ويجعلها دائماً تحت مجهر الشك والتدقيق.
في الكثير من الأحيان يلعب الحظ دوراً مهماً في النجاح، وقد يساعد الشخص في الوصول بشكل سريع، ولكن الاستمرارية في النجاح تحددها الخبرة والموهبة والعمل الدؤوب، فبما أن فكرة موضوعنا اليوم وليدة المقابلة التلفزيونية مع الممثلة ماغي بوغصن فلا بد من إنصافها والقول إن موهبتها هي خير دليل على نجاحها ولم تكن ثروة زوجها أو شركته لتجعل منها نجمة لولا أنها كانت تملك الموهبة الحقيقية التي أخرست الجميع بها في تمثيلها الرائع في «للموت» بجزأيه الأول والثاني، فهي تتشارك البطولة مع دانييلا رحمة، وكلتاهما كانت رائعة في التمثيل والأداء من دون أن ننسى إبداع الكاتبة الشابة نادين جابر، التي جعلت من التعابير اللبنانية السوقية قاموساً تعشش فيه الموهبة وحبكة الكلمات.
لو تبدلت الأدوار وكان الممثل متزوجاً بامرأة ثرية أو صاحبة شركة هل تعتقدون أنه كان سيقع تحت مثل هذا الوابل من الاتهامات؟ هذا لا يعني أن فكرة الارتباط بشخص ميسور تسهل الحياة على جميع الأصعدة، بما فيها المهنية، ولكن من غير المنصف أن ننسى الموهبة بالكامل ونشدد على الماديات والمحسوبيات وزواج المصلحة.
ماغي بوغصن أبدعت في أعمالها، وهذا ما يجعلها هادئة وغير مهتمة بالأقاويل والاتهامات الباطلة المبنية على البلبلة والغيرة ليس إلا.