نادية التركي
إعلامية وشاعرة وصحافية متمرسة تكتب بمجالات متعددة, متخصصة في اجراء المقابلات السياسية.
TT

تونس مجمدة عمدا خوفا من السقوط!

بين قلوب شعب تحترق حسرة, وهم يرون تونس «الخضراء» تتحول إلى قحط بلا أمل، وسياسيين يسيرون في طرقات متقاطعة بلا دليل ويتصادمون، ليكسر بعضهم البعض، ويصدمون في منجزات الدولة التي قام بها شعب متعلم تميز بالاختلاف والوعي الاجتماعي والانفتاحي على ثقافات الآخرين، ليجد نفسه فجأة بعد فرحة لم تكتمل، ولم تدم غير بضعة أيام, أنه أمام عقبات لا يدري ما يفعل تجاهها، تبدو البلاد مجمدة عمدا خوفا من السقوط.
ظن الناس في البداية أن أساس المشكل كان رأس البلاد فقطعوه، وأن إصلاح وطنهم سيتحقق بالتغيير السياسي فـ«أنجزوه» عبر انتخابات أشاد بها القريب والغريب.. لكن الإحباط والخيبة سرعان ما حلا بعدما اكتشف الناس أن الديمقراطية التي يتحدث عنها الغرب لا تناسبهم، وأنهم لبسوا ثوبا أكبر من حجمهم، فتاهوا في ظلامه وتعثروا في أطرافه، وتحول بعد فترة قصيرة إلى خيش من القماش المتسخ الذي كثرت فتوقه بعد أن حاولوا إحداث فتحات لينظروا إلى ما حولهم.
تتحدث اليوم إلى الناس العاديين في تونس فيجيبون بأنهم لم يعد يهمهم من يحكم، هم يريدون فقط حل همومهم.. توفير القوت والعيش الكريم لعائلاتهم.
والسياسيون همهم على كراسيهم التي باتوا يخشون التحرك منها، وتجمدوا فيها خاصة بعد انتكاسة الإخوان في مصر، والصعوبات الاقتصادية، ودوامة الديون، ولا يبدو في الأفق مخرج للوضع التونسي.
وحتى الإعلام ولأسباب تعددت, قابليته للتوظيف السياسي، وبين قلة الاحترافية، وخلط بين مفاهيم الحرية والفوضى، خسر فرصته التاريخية منذ الجولة الأولى، وقام بأخطاء سمحت بتضييق الخناق عليه من جديد.
الانتخابات لم تعد مطروحة، الدستور أُجّل، والعجلة واقفة، وما يعبر عنه التونسي البسيط بعبارة شعبية تقول إن «البلاد دخلت في حيط (حائط)» للأسف هو ما نراه.