حمد الماجد
كاتب سعودي وهو عضو مؤسس لـ«الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان السعودية». أستاذ التربية في «جامعة الإمام». عضو مجلس إدارة «مركز الملك عبد الله العالمي لحوار الأديان والثقافات». المدير العام السابق لـ«المركز الثقافي الإسلامي» في لندن. حاصل على الدكتوراه من جامعة «Hull» في بريطانيا. رئيس مجلس أمناء «مركز التراث الإسلامي البريطاني». رئيس تحرير سابق لمجلة «Islamic Quarterly» - لندن. سبق أن كتب في صحيفة «الوطن» السعودية، ومجلة «الثقافية» التي تصدر عن الملحقية الثقافية السعودية في لندن.
TT

ثالوث عالمي متنمر

أحد هذا الثالوث الخطر هو الإلحاد الذي تحدثت عن غزوه للعالم، في المقال السابق، وبات «باقياً ويتمدد» ويزدهر، ممتطياً صهوة السوشيال ميديا، يعززه انتشار خطاب ديني متطرف في العالم العربي أعقب ثورات الربيع العربي، حيث شاعت وذاعت صور الإرهابيين من ذبح وتعذيب وتقطيع وتشريد واسترقاق خصوصاً في العراق وسوريا، بدأ بعض الشباب العربي في إعلان عدم إيمانهم صراحة والتعبير عن اختلافهم مع الخطاب الديني السائد ورفضهم له.
كان من الطبيعي أن يجد الإلحاد في الغرب أرضاً خصبة، فشاع وذاع وكسب مساحات واسعة، لأن علاقة الغربيين الضعيفة بدياناتهم ليست كعلاقة المشرقيين القوية بدياناتهم وخصوصاً المسلمين، كما أن سقف الحريات في الغرب جعل مبشري الإلحاد يصدعون بآيديولوجيتهم، ومؤسساتهم شاهرة ظاهرة، ولهم برامجهم الإعلامية النشطة، وأما في المشرق وخصوصاً في العالم العربي والإسلامي فالإلحاد في عدد من الدول العربية والإسلامية منبوذ ومستغرب والقوانين تحظره وتعاقب عليه، ولهذا اعتمد السرية والتخفي والشعارات الموهمة، وحقق مكاسب على الأرض بعد استخدامها شبكات التواصل الاجتماعي، ومن هذه الصفحات، كما في تحقيق أجرته بي بي سي، «الملحدون التونسيون»، الذي يضم أكثر من 10 آلاف متابع، و«الملحدون السودانيون» الذي يضم أكثر من 3000 متابع، وأيضاً «شبكة الملحدين السوريين» التي تضم أكثر من 4000 متابع، وعلى «تويتر»، هناك حساب «أراب أثيست» الإلحاد العربي، ويتابعه ثمانية آلاف شخص.
اليمين المتشدد هو ثاني الثالوث الخطر، وهو تعصب عرقي يمتزج أحياناً بالتعصب الديني، وقد كسب هو الآخر مساحات شاسعة في العالم الغربي وأمسى يزاحم الأحزاب التقليدية، بل تمكن من إحداث اختراقات فيها، فصارت تتبنى بعض أطروحات اليمين المتطرف حتى تستعيد بعض المساحات التي قضمتها أحزاب اليمين المتطرف، ويمثل صعود ترمب ذروة نشاط اليمين المتشدد في أميركا وإن لم يكن متديناً، وماكرون أصبح مقرباً لليمين المتشدد في فرنسا بعد مواقفه وتصريحاته المستفزة.
وأما ثالث الثالوث المتنمر والأشرس فهم من شدة تنمرهم يحسب المسؤول السياسي والأكاديمي والمتحدث والكاتب لكلامه عنهم ألف حساب، وإلا فجيش المحامين لهم بالمرصاد مستخدمين سلاح الملاحقات القانونية، ويعزز لهم أتباعهم المتغلغلون في الدوائر الحكومية والقطاع الخاص ووسائل الإعلام، وميزانيات كبيرة، وتحت شعار (حقوق الإنسان) بدأ نفوذهم ينتشر عالمياً والكل خائف يترقب، ومنهم كويتب هذه السطور.