لم يكن هناك ما يسمى بكوريا الجنوبية حتى عام 1948م ، عندما انقسمت دولة كوريا إلى جمهوريتين جنوبية وشمالية. كان ذلك بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بثلاث سنوات وتحرر كوريا من الهيمنة اليابانية. لكن ذلك الانفصال لم يُرض الطرف الشمالي، فقامت كوريا الشمالية بغزو كوريا الجنوبية عام 1950م لتبدأ الحرب الكورية - الكورية ولتستمر حتى عام 1953م عندما وقعت الكوريتان على اتفاقية هدنة. لم تهدأ الأمور السياسية في كوريا الجنوبية بشكل تام بعدها. فقد بدأت الاضطرابات الداخلية بداية الستينيات الميلادية. حيث استقال الرئيس لي بسبب التظاهرات الطلابية، ثم حصل انقلاب عسكري على الحكومة بدأ بعده العمل على خطة تنموية لتطوير البلاد.
بعد الحرب العالمية الثانية بدأت كوريا في العمل على فلسفة نظام تعليمي جديد بإشراف من الجيش الأميركي الحكومي في كوريا. كان التركيز كبيرا حينها على ديمقراطية التعليم. التأكيد على أهمية التعليم جعل الكوريين يحرصون على إيصاله لكافة شرائح المجتمع بعدالة وبشكل متساو. هذا الهدف أدى إلى تنظيم برامج أكاديمية تعليمية للكبار أيضاً. شملت هذه البرامج التدريبية المدرسين، ومن لم يكملوا تعليمهم. وتم التركيز على دعم اللغة الكورية بالمصطلحات التقنية والفنية والتوسع في إنشاء المعاهد التعليمية. تسببت الحرب الكورية - الكورية في تجاهل النظام التعليمي. حتى أن إلزامية التعليم كانت فقط للمرحلة الابتدائية.
يجمع كثير من الخبراء على أن النقلة التنموية التقنية والاقتصادية التي وصلت إليها كوريا الجنوبية اليوم هي بسبب التعليم. التغيير الذي حصل في النظام التعليمي في الثمانينيات الميلادية كان عاملا مؤثرا. فقد تم الحرص على العدالة في التعليم وزيادة عدد الفرص للالتحاق بالتعليم الجامعي. تحقق هذا الهدف بأن ارتفع عدد الملتحقين بالكليات والجامعات من 403000 في عام 1980م إلى 1.4 مليون في عام 1989م. التغيير الثاني الذي تم كان منع الدروس الخصوصية. حيث كان عدد من الأسر الغنية تحرص على دفع مبالغ للمدرسين لتعليم أبنائها اللغة الإنجليزية والرياضيات. كان تعليق الدراسة هو عقاب من يثبت التحاقه بالدروس الخصوصية من الطلبة. أما المدرسون فكانوا يطردون من التعليم. كان هناك تغيير أخير ذو أثر وشعبية محدودة. حيث تمت زيادة عدد ساعات الدراسة الجامعية. لكن ذلك أوقف في عام 1984م.
كل الشعوب تمر بمراحل سياسية قد تؤثر على مسيرتها وتنميتها. لكن ذلك لا يمنع من العودة ومتابعة المسيرة . كما قد تكون تلك الصراعات والتحديات سببا في تحقيق نجاحات أكبر، وقد قيل: ما لا يقتلك، يزيدك قوة.
