سبنسر بوكات ليندل
TT

أسباب تدعو للتفاؤل في مواجهة «كورونا»

اللقاحات معجزة علمية، منذ عام بالضبط، قال د. أنتوني إس فاوسي إن الأمر سيستغرق ما بين 12 إلى 16 شهراً للتوصل إلى لقاح واحد يتسم بمستوى متوسط من الفعالية المحتملة، بل اعتقد بعض الأطباء أن هذا التوقع ضرب من الخيال، مشيرين إلى أن ابتكار اللقاحات عادة ما يستغرق 10 سنوات، حال النجاح في ابتكارها من الأساس، ولم يسبق أن شهد العالم تطوير لقاح قبل مرور 4 سنوات على الأقل.
لذا، ينبغي لنا التوقف قليلاً لإمعان النظر في مدى تفرد الإنجازات التي نعاينها اليوم بالتوصل إلى لقاحات في غضون أقل من 12 شهراً من إعلان الجائحة. ولدى الولايات المتحدة بمفردها 3 لقاحات، وربما يلحق بها لقاح رابع قريباً، ويبدو أنها فعالة في القضاء على مخاطرة الوفاة بسبب فيروس «كوفيد 19»، وبمقدورها كذلك تقريباً القضاء على مخاطرة حجز المريض في المستشفى، بما في ذلك أكثر الطفرات خطورة. ولا شك أن هذه حقيقة جديرة بالاحتفاء بها، بدأنا نشعر على أرض الواقع بنتائجها.
على سبيل المثال، داخل مراكز الرعاية انخفضت معدلات الوفيات بسبب «كوفيد 19» بدرجة بالغة بين ديسمبر (كانون الأول) وفبراير (شباط)، رغم ارتفاعها في باقي أرجاء البلاد.
وفي إسرائيل، أشار تحليل أجري في وقت قريب حول 602000 شخص تلقوا اللقاح إلى أن 21 في المائة فقط منهم أصيبوا بالفيروس لاحقاً، واضطروا للبقاء في المستشفى. ومثلما أوضح زميلي د. ديفيد ليونهاردت، فإن هذه مجرد نسبة ضئيلة للغاية من معدل الأشخاص الذين يحتجزون بالمستشفيات سنوياً بسبب الإنفلونزا داخل الولايات المتحدة.
وكتبت زميلتي أبورفا ماندافيلي أن «اللقاحات أثبتت فعالية أكبر مما كان يطمح إليه أي شخص، وحتى الآن نجحت في الوقاية من المرض الشديد والوفاة في جميع من جرى تطعيمهم تقريباً».
عملية توزيع اللقاح تتسارع، بعد فترة تعطل بعض الشيء جراء الدوامة القطبية منذ أسبوعين، من المتوقع أن تزيد كل من «فايزر» و«موديرنا» شحناتهما الأسبوعية خلال الشهر الحالي. وحال التزام الشركتين بتعهداتهما، ونجاح «جونسون آند جونسون» في الوفاء بوعدها بتوفير 20 مليون جرعة من لقاحها الذي يعتمد على جرعة واحدة فقط، فإن هذا يعني إمكانية حصول نحو 130 مليون أميركي، أو ما يقرب من نصف البالغين المؤهلين للحصول على اللقاح، على التطعيم بحلول نهاية مارس (آذار). ويأتي هذا دون أن نأخذ في الاعتبار الشراكة بين «ميرك» و«جونسون آند جونسون» التي أعلنها البيت الأبيض، الثلاثاء، وقال مسؤول عنها إنها ربما تثمر نهاية الأمر عن مضاعفة الإمدادات المتاحة من جرعات اللقاح الجديد. ويقول خبراء إن الرقم الذي ينبغي أن نطمح إليه 3 ملايين جرعة يومياً، بدلاً عن 1.94 مليون جرعة في الوقت الراهن.
انحسار حالات الإصابة... منذ بلوغ الإصابات داخل الولايات المتحدة ذروتها في يناير (كانون الثاني)، تراجعت أعداد الإصابات بنسبة تقارب 74 في المائة، ما عزز الآمال في أن الفترة الأسوأ ربما تكون قد ولّت الآن. أما السبب وراء تراجع أعداد الإصابات، فيرى بعض العلماء أنه ربما يكمن في انتشار المناعة الطبيعية على نطاق أوسع. ويعتقد أنصار هذا الاعتقاد أن ذلك يعني أن «كوفيد 19» ربما يختفي في الجزء الأكبر منه بحلول أبريل (نيسان).
إلا أن علماء آخرين يرون أن هذا الاعتقاد مفرط في التفاؤل، ويوعزون تراجع الإصابات لعوامل أخرى، مثل انتهاء موسم العطلات وتبدل الفصول، ما يعني أن تحقيق مناعة القطيع ما يزال على بعد شهور، لكن ربما أشهر قلائل فحسب.
والآن، لننتقل إلى الاعتبارات التي تدعو لتوخي الحذر وتجنب المبالغة في التفاؤل...
ما يزال تفشي الجائحة داخل الولايات المتحدة سيئاً للغاية، حتى الثلاثاء، تراوح متوسط الوفيات بسبب فيروس «كورونا» داخل الولايات المتحدة حول 2000 وفاة يومياً. ورغم أن هذا يشكل تحسناً ملحوظاً عن معدلات يناير، تظل الحقيقة أن معدلات الوفيات داخل الولايات المتحدة في يوم واحد بسبب الفيروس تفوق مجمل الوفيات داخل كوريا الجنوبية على مدار الجائحة.
تضارب الرسائل المتعلقة باللقاحات... منذ 6 عقود ماضية، قوبل الإعلان عن التوصل للقاح لشلل الأطفال باحتفالات واسعة على الصعيد الوطني، مع انطلاق أجراس الكنائس وخروج التلاميذ مبكراً من المدارس وخروج الناس للرقص ابتهاجاً في الشوارع.
وكتبت زينب توفيق في مجلة «ذي أتلانتيك»: «توقع المرء أن يقابل خبر الموافقة المبدئية على لقاحات فيروس كورونا بقدر مشابه من الابتهاج، خاصة أنه جاء بعد عام وحشي من الجائحة، لكن هذا لم يحدث. وبدلاً عن ذلك، قوبل السيل المستمر من الأخبار الإيجابية عن اللقاحات بكورس من التشاؤم الشديد».
بطبيعة الحال، تعريف الرأي العام بالشكوك المحيطة باللقاحات، سلوك أمين وضروري لردع أي أنماط سلوك قد تنطوي على مخاطرة بعد تلقي اللقاح، لكن إذا تحولت هذه الشكوك إلى الرسالة الرئيسية التي يسمعها الناس، فإن الصحافيين والمسؤولين عن الصحة العامة يواجهون بذلك مخاطرة تثبيط الناس عن تلقي اللقاح من الأساس.
حالة الاستقطاب السياسي حول اللقاحات... تكشف استطلاعات الرأي أن أنصار الحزب الجمهوري الفئة الديموغرافية الوحيدة التي تميل إلى احتمال عدم تلقي اللقاح. كما تسود اليوم مشاعر تردد إزاء اللقاحات في أوساط الأميركيين البيض أكبر منها في أوساط الأميركيين أصحاب الأصول الأفريقية واللاتينية.

* خدمة «نيويورك تايمز»