أحمد الغمراوي
طبيب وصحافي مصري مختص بالشؤون السياسية والعلمية
TT

عندما تخسر فتاة نفسها بإرادتها!

مع بداية العام، تابعت كغيري من المتابعين على فضاء وسائط التواصل الاجتماعي قضية بدت ساخنة في الأوساط التي لا تهتم عادة بالسياسة ولا الاقتصاد ولا بدهاليز الحياة اليومية، التي تسحقنا سحقا، فتهرب بإرادتها الحرة إلى مسائل أخرى لتجعل منها "قنبلة الساعة".
المسألة باختصار كانت فيما يتناقله الناس هذه الأيام حول فتاة تعيش في الولايات المتحدة الأميركية من أصول تنتمي لدولة عربية، وسأذكر لاحقا أسباب عدم ذكر اسميهما (الفتاة والبلد)، "نجحت" في أن تحتل صدارة أحد "ابرز" المواقع المشبوهة في العالم.
الفتاة التي تفتخر بما فعلت، واجهت آلاف التعليقات الهجومية على مواقع التواصل الاجتماعي، وبينها تعليقات تدعوها للخزي بما فعلت بنفسها، لكنها ردت باللغة العربية مستخدمة حروفا لاتينية (ما يعرف بالفرانكوآراب)، على مهاجميها من مواطنيها بأن يلتفتوا إلى حال بلدهم.
لم أذكر اسم البلد العربي، الذي أحبه بصورة شخصية وزرته كثيرا، واعتقد أنه بلد محبوب للعرب كافة من مشارق الأرض إلى مغاربها، حتى لا يظن أحد أنه هجوم يريد الطعن في البلد بسبب خطأ فتاة تنتسب -ولو اسما- إليه، فلا يجب أن تؤخد "أغلاط الصغار" لتلطخ "ثوب الديار". وهو ما وقع فيه الكثير من الأخوة مؤخرا، سواء بالهجوم على فتاة تنتمي إلى منظمة "فيمن" الغريبة الأطوار التي تدعو إلى المساواة مع الرجل عبر الانفلات الأخلاقي، أو غيرها من الدول الأخرى اللاتي يحولهن البعض إلى "قضايا قومية" بغير داع.
أما عن اسم الفتاة، وإن كنت لا أحاكمها على أفعالها -التي يرفضها أي عاقل- لأنني أؤمن تماما أن كلا منا يجب أن يحاسب نفسه، ولا يملك أن يحاسب غيره، فلا داعي لذكر اسمها أيضا حتى لا نساهم بحسن نية في اضفاء مزيد من الشهرة الكاذبة عليها، فلن نجني من خلف ذلك إلا مزيدا من الرواج على تلك المواقع المشبوهة، وهو ما يدر عليها ربحا حتى وإن كان بغير قصد.
القصة برمتها أثيرت في جلسة مع عدد من الأصدقاء قبل أيام، وكان من بينهم سينمائي شاب، أكد استغرابه من احتلال الفتاة لقمة المواقع المشبوهة، نظرا لأن المستوى "الفني" و"الانتاجي" لأفلامها، من وجهة نظره العملية البحتة، متواضع للغاية.
لكن صديقا آخر يعمل خبيرا في المواقع الشبكية في إحدى الدول الأوروبية، وكان في إجازة قصيرة في مصر فحضر اللقاء، أكد أن سر الرواج لا يكمن في تلك النقاط "الفنية" على الإطلاق.. لكنه يعود بالأساس إلى أن الغربيين ينجذبون إلى كل ما هو "جديد"، وهي سابقة أولى في هذا المجال.