هشام عبد العزيز
كاتب مصري
TT

أوباما.. و«عبد المعين»

عبد المعين مواطن مصري قديم، ربما عاش بعد عصر الفراعنة مباشرة.. وما زال حيا يرزق في ذاكرة الناس ومشاعرهم.
عبد المعين يشبه جحا. يعرفه كل مصري. يذكرونه كلما خاب أملهم في شخص يرجونه لتخليصهم من كارثة، فإذا به يحتاج لعونهم أكثر مما يحتاجون.. بات عبد المعين رمزا للعجز والثبات والتردي فيما كان أملا للقدرة والتغيير والتقدم.
ولأن خيبات الأمل كثيرة، فقد اخترع المصريون لعبد المعين مثلا يرددونه دائما: «جبتك يا عبد المعين تعيني لقيتك يا عبد المعين تتعان»، أي جئت بك يا عبد المعين لمعونتي فكنت أشد مني حاجة للمعونة..
هذه الأيام أتذكر عبد المعين كلما رأيت الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي يرأس دولة ينتسب العالم كله إليها؛ ألسنا في «العصر الأميركي»؟ ورغم ذلك لا يملك حيلة شرقا ولا غربا. ولا حتى في ولاية فيرغسون التي تخضع لحكمه الفيدرالي.. وأخيرا آن الأوان لروسيا أن تسخر من الولايات المتحدة «العنصرية» بشأن أحداث فيرغسون، وأصبح لدول طالما اتهمت باختراق حقوق الإنسان أن تطالب الدولة الأميركية بضبط النفس في التعامل مع المتظاهرين.
اللافت في هذه المظاهرات الأميركية أنها تحدث على خلفية احتقانات عنصرية. ظن العالم أنها اختفت من أكثر دوله تخلفا فإذا بها تطل برأسها القبيح في أكثرها تقدما وفخرا بالتنوع الذي قامت عليه.. إنها الدولة التي يرأسها رجل من أصول كينية يزهو بأن نحو 12 في المائة فقط من شعبه ملونون مثله فيما انتخبه في فترته الأولى ما يقترب من 53 في المائة من الأميركيين.. في هذه الغمرة من الفرح نسي الرئيس أوباما أن نسبة الأميركيين من أصل أفريقي قبل انتخابه بأكثر من مائتي عام اقتربت من 20 في المائة من السكان. وأن أوباما الأب عاد إلى بلده كينيا في الستينات من القرن الماضي، وهو العقد الذي شهد أقل عدد من الأميركيين السود داخل حدود العالم الجديد، نحو 10 في المائة فقط من عدد السكان.
ردود فعل العالم الثالث أيضا كانت لافتة؛ حيث أشارت إلى صورة ذهنية عن العلاقة بين الدولة الأميركية ومواطنيها لم تكن هي ما بثته القنوات الإخبارية في أحداث فيرغسون منذ بدايتها وحتى الآن. يبدو أن العالم يرى مفهوم الدولة بتباين لا يتحقق على أرض الواقع ولا في كتب التاريخ.
الدولة – يا سيدي – دولة، سواء في شرق آسيا أو في غرب أميركا أو في الشرق الأوسط، حتى إشعار إنساني آخر. فحقيقة الحال برأي المعري:
لا فرقَ بين بني فهر وغيرهم
في دولةٍ وشهورُ الحلّ كَالحَرَمِ.