زاهي حواس
عالم آثار مصري وخبير متخصص بها، له اكتشافات أثرية كثيرة. شغل منصب وزير دولة لشؤون الآثار. متحصل على دبلوم في علم المصريات من جامعة القاهرة. نال درجة الماجستير في علم المصريات والآثار السورية الفلسطينية عام 1983، والدكتوراه في علم المصريات عام 1987. يكتب عموداً أسبوعياً في «الشرق الأوسط» حول الآثار في المنطقة.
TT

رجال حول حتشبسوت

كان هناك 3 ملوك في حياة حتشبسوت، أولهم الأب، وهو الملك تحتمس الأول، ويعني اسمه «ولد تحوت - إله الحكمة»، وقد حمل هذا الاسم 4 فراعنة من الأسرة الـ18 وهذا الملك هو خليفة الملك أمنحتب الأول، وعلى الرغم من قصر فترة توليه الحكم فإن إنجازاته في العلاقات الخارجية كانت بارزة. وتشير النقوش التي توجد في جنوب مصر بمنطقة الشلال الثالث بالنوبة إلى أنه قد عزّز ووسّع سيطرة مصر على بلاد النوبة. وهو أول الفراعنة الذين فرضوا سيطرتهم على بلاد سوريا وفلسطين، وكان غرضه هو أن يؤمّن طرق التجارة، وقد عُثر له على تابوت يحمل اسمه داخل المقبرة رقم 38 بوادي الملوك، وتابوت آخر داخل مقبرة ابنته الملكة حتشبسوت.
وقد جاء بعده ابنه تحتمس الثاني، وهو ابن تحتمس الأول من «زوجة ثانوية» تدعى «موت - نفرت». وقد تولى الحكم، ومعه أخته غير الشقيقة حتشبسوت، ويبدو أنه كان ضعيف الشخصية، لأن حتشبسوت كانت هي الحاكمة، وسيطرت على شؤون البلاد، وفي الوقت نفسه يعتقد أنها كانت على علاقة حب بالمهندس المعماري سنموت، الذي بنى لها معبدها الجميل بالدير البحري، وتولي تربية ابنتها.
ورغم ذلك، ينسب إلى تحتمس الثاني أنه فضّ أحد الاعتصامات ببلاد النوبة، وقد اعتقد من قبل أنه دفن في المقبرة رقم 42 وهي تخلو من الزخارف، وتضم تابوتاً، لكن ثبت خطأ هذا الاعتقاد، ولذلك لم تعثر على مقبرته حتى الآن. وقد أنجب ولداً من «زوجة ثانوية» تدعى «إست»، وهو تحتمس الثالث، وعندما توفي تحتمس الثاني قامت زوجته الرئيسية، وأخته غير الشقيقة حتشبسوت، بالوصاية على العرش في الأعوام الأولى التي تولي فيها تحتمس الثالث الحكم، وفي العام السابع من حكمه كانت حتشبسوت تحمل جميع الألقاب الشرفية للفرعون، وبالتالي كان لها كامل السلطة لمدة زادت على 20 سنة.
ويعتقد أن الملك تحتمس الثالث عندما تولى السلطة قام بإزالة اسم حتشبسوت من على الآثار، ويقال إنه هو الذي تخلص منها وقتلها، وقد اتضح أن كل ما كتب عن هذا الموضوع ليس له أساس من الصحة، حيث سنجد أن حتشبسوت قد زوجت ابنتها إلى تحتمس الثالث، وأن اسمه ذكر مع حتشبسوت كثيراً داخل المقصورة الحمراء بمعبد الكرنك، وكذلك بمعبدها بالدير البحري، وقد كشفنا أن الملكة حتشبسوت قد كانت تعاني من مرض السكر، وأنها عانت من مرض السرطان، أي أنها لم تقتل، بل ماتت بمرض السرطان، بالإضافة إلى أن عملية كشط اسمها وتدمير آثارها تم عن طريق الشعب، وذلك لأنها خرجت عن التقاليد وتولت الحكم، ولم يكن من حق المرأة أن تحكم في مصر الفرعونية، وكان هذا حقاً للرجل فقط، ولكن لا يمكن للرجل أن يحكم بدون المرأة. لذلك فقد خرجت حتشبسوت عن التقاليد، رغم أنها أعلنت أنها ابنة آمون، وكتبت القصة على حوائط معبدها، وكانت تشبه بالرجل، ورغم ذلك لم يغفر لها المصريون أنها غيّرت في التقاليد، لذلك دمّروا آثارها في نهاية عصر الملك تحتمس الثالث، الذي حكم واعتبر أعظم ملوك مصر، بل عرف بأنه نابليون العصر القديم.