نوح فيلدمان
أستاذ القانون بجامعة هارفارد وكاتب بموقع «بلومبيرغ»
TT

المسؤولية القانونية وفيروس «كورونا»

عندما نكون على استعداد لإعادة فتح الشركات المغلقة بسبب فيروس «كورونا»، ستكون علينا الإجابة عن بعض الأسئلة المهمة حول كيفية القيام بذلك بأمان. أحد تلك الأسئلة هي: ما نوع الإجراءات التي يجب أن تتخذها الشركات للحفاظ على سلامة الموظفين والعملاء، وكيف تجب مساءلة أصحاب الشركات إذا تلاعبوا بصحة الآخرين؟
بدأ هذا الجدل حول تحديد المسؤولية واتخذ بالفعل منعطفاً حزبياً. لكن هذا ليس بالأمر الحميد طالما أن هناك حلاً وسطاً بسيطاً ومتاحاً. فقد طالب الجمهوريون بتشريع فيدرالي لجعل الشركات محصنة ضد الدعاوى القضائية، لكن الديمقراطيين يشكون في الفكرة برمتها. كلا الجانبين متفق على شيء مهم هو أن خطر المقاضاة والحاجة إلى دفع تعويضات كبيرة حال مرض الناس خطر حقيقي. لكن على الجانب الآخر، هناك خطر أن تؤدي الحصانة الكاملة من الدعاوى القضائية إلى تراخي معايير السلامة التي تعرض الصحة العامة للخطر.
ولذلك يتعين على الكونغرس توجيه مركز السيطرة على الأمراض لإصدار بروتوكول محدد مصمم للحفاظ على سلامة العمال والمتعاملين. يجب أن يكون للأعمال التجارية التي تتبع هذه القواعد الفيدرالية ملاذ آمن من المسؤولية، حتى لو مرض بعض الأشخاص في أماكن عملهم. وتجب مقاضاة أولئك الذين يخالفون القواعد ويتسببون في نقل العدوى.
سيتبع ذلك النهج القاعدة الأساسية لقانون الضرر، وهي أنه إذا بذلت جهوداً «معقولة» لتجنب الحوادث، فيجب ألا تكون مسؤولاً؛ وإذا لم تفعل ذلك، فيجب عليك دفع تكاليف الأضرار المترتبة على ذلك.
في الوقت نفسه، فإن ربط المسؤولية بمبدأ توجيهي فيدرالي واضح سيحل المشكلة الأكثر خطورة المرتبطة بدعاوى قضائية محتملة، وهي عدم اليقين بشأن التدابير الوقائية التي يمكن اعتبارها معقولة، ما يتسبب في تثبيط همم الشركات لتحمل مخاطر إعادة فتحها.
لن تسير المسؤولية عن التقصير بشكل ملائم هنا، لأنها تعتمد على أحكام ما بعد الوقائع الصادرة عن هيئة المحلفين حول ما يمكن اعتباره احتياطات معقولة. فقد قال القاضي العظيم لينارد هاند إنه يجب تحديد المعقولية من خلال قياس ما إذا كانت تكلفة عبء الوقاية من الحوادث (المعروفة باسم B) تفوق القيمة المتوقعة للحادث - احتمال وقوع الحادث (P) مضروباً بخطورة الخسارة (ل)، وهو ما يمكن التنبؤ به أكثر من الاعتماد على حدس هيئة المحلفين. لكنها ما زالت تعتمد على قدرة صاحب العمل على التنبؤ باحتمالية وقوع حادث وحجم تكاليفه. والقيام بذلك أمر صعب للغاية أثناء تفشي الوباء.
إذا لم يتمكن أصحاب الأعمال من معرفة مدى احتمالية إصابة الموظفين بالعدوى ومدى تكلفة إصاباتهم، فلا توجد طريقة بسيطة لأصحاب الأعمال لتحديد المستوى الصحيح للوقاية. ونتيجة لذلك، قد يظل أصحاب الأعمال مغلقين لأسابيع أو أشهر أطول مما يحتاجون إليه.
ومع ذلك، فإن معارضي الإعفاء الكامل من المسؤولية هم أيضاً محقون في القلق من أنه قد يخلق حوافز خاطئة للشركات، ما يسمح لهم بتجاهل حتى أبسط إجراءات السلامة المنقذة للحياة. لا ينبغي اعتبار معظم العمال على أنهم يفترضون عن طيب خاطر أنهم سيصابون بالعدوى حال عادوا إلى العمل. فمعظمهم ليسوا أحراراً في تقرير ما إذا كانوا سيعودون إلى العمل، نظراً لأنهم مقيدون بخطر فقدان وظائفهم، ناهيك بضرورة إطعام أسرهم. وعلى أي حال، يفرض قانون المسؤولية التقصيرية الحديثة واجب رعاية معقولة لأصحاب العمل عندما يعود العمال للعمل حتى في ظل ظروف عادية غير وبائية.
الحل في هذه الحالة هو تحديد محتوى الرعاية المعقولة مقدماً. إن الطريقة للقيام بذلك لا تتباين من ولاية إلى أخرى (كما يعمل قانون الضرر عادةً) لكن على المستوى الوطني، وبمعيار واحد ينطبق في كل مكان. بهذه الطريقة لن تضطر الشركات إلى تخمين ما الاحتياطات المعقولة ويدركون القواعد. وما دام أنهم يتبعون القواعد، فسيكونون في مأمن من المسؤولية. وإذا خرقوا القواعد، فسيكون عليهم الدفع.
ربما لا يجب على الكونغرس وضع قواعد الوقاية الدقيقة، لأن أعضاء الكونغرس ليس لديهم أي خبرة خاصة في طرق انتقال الفيروس. لذلك يجب على الكونغرس أن يفعل ما يفعله عادة عندما يحتاج إلى حكم خبير لتسير الأمور بشكل قانوني، وذلك بتفويض هذا الجزء من القرار إلى وكالة خبراء مثل مركز السيطرة على الأمراض.
يجب أن يحتوي بروتوكول CDC على بعض التفاصيل لما هو آمن في أنواع مختلفة من أماكن العمل، من المصانع إلى المطاعم إلى المكاتب إلى مواقع البناء.
ومع ذلك، بمجرد صياغتها، يمكن إعداد جميع البروتوكولات للعمل بالطريقة نفسها من خلال تفويض من الكونغرس يحدد أن القواعد الفيدرالية الجديدة تستبق قانون الضرر على مستوى الولاية. يمكن للكونغرس أيضاً تحديد ما هي الأضرار الناجمة عن كسر القواعد. قد لا يتعين عليهم تضمين جميع تكاليف المرض والوفاة؛ على الرغم من أن الأضرار يجب أن تكون عالية بما يكفي لردع كسر القاعدة.
قد تتساءل لماذا لم يتم تأميم جميع قوانين الضرر بهذه الطريقة. الجواب معقد، ويتضمن صراعاً هيكلياً بين الإدارة والعمل ومحامي المدّعين والمصالح التجارية. لكن إجابة واحدة مبسطة هي القول إن هناك كثيراً من المواقف الحياتية المختلفة التي يمكن أن تنشأ فيها حوادث، لدرجة أنه قد لا يكون عملياً إنشاء قواعد واضحة جلية لها جميعاً.
فيروس «كورونا» ليس كذلك، إذ يمكن لمراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها إصدار أحكام تقريبية وجاهزة حول معايير الوقاية التي يمكن اتباعها بوضوح وثقة. هذه ليست حجة لرفع نظام الضرر لدينا بشكل عام - فقط لتحقيق أهدافها الأساسية في الأزمات.
- بالاتفاق مع «بلومبرغ»