آرون براون
TT

العالم بين «كورونا» وإنقاذ الاقتصاد

ربما تشهد الأسابيع القليلة المقبلة ارتفاعاً في معدلات الإصابة بفيروس «كورونا» الذي يصيب الرئتين، ثم يبدأ في التراجع إثر جهود الاحتواء المبذولة والأجواء المناخية الأكثر دفئاً في نصف الكرة الشمالي. بيد أنه من غير المحتمل حدوث ذلك، مما يعني أنه بالإضافة إلى المخاوف الإنسانية، ينبغي على المستثمرين التفكير في تأثير المرض على محافظهم الاستثمارية.
ولقد تسببت المخاوف من الإصابة بالعدوى في إلغاء كثير من الفعاليات حول العالم، مع تعطل سلاسل التوريد المختلفة. ومن شأن ذلك أن يرجع بتأثير كبير على أرباح الربع الأول من العام الحالي وعلى الاقتصاد العالمي حتى مع نجاح احتواء الفيروس قريباً.
وتعتبر الآثار طويلة الأجل للفيروس متعارضة في بعض النواحي مع الآثار قصيرة الأجل. وتشير الدراسات الحديثة إلى أن معدل انتقال الفيروس أعلى بكثير مما كان معتقداً في البداية، وأن عدداً أكبر بكثير من الأشخاص قد أصيبوا فعلاً بالعدوى مما هو متوقع. وهذا من الأنباء السيئة على جهود الاحتواء، ويزيد من المخاوف على المدى القصير.
وهناك ثلاثة سيناريوهات معتبرة عند هذه النقطة. أولاً، إمكانية احتواء الفيروس ثم القضاء عليه باعتباره تهديداً للصحة العامة، تماماً كما كان الحال مع وباء سارس في عام 2003، وفي هذه الحالة، ليس هناك من سبب يدعو إلى توقع التأثيرات طويلة الأجل على الاستثمارات.
السيناريو الثاني يفيد بأن يحول الفيروس إلى وباء متوطن. وهذا السيناريو لا يدعو إلى الفزع بحال. فهناك أربع سلالات من فيروس كورونا بالفعل، وهي تسبب في مجموعها نسبة 25 في المائة من الإصابة بنزلات البرد. ووجود فيروس خامس منها لن يُحدث فارقاً كبيراً. بل في واقع الأمر، يؤدي استحداث فيروس جديد إلى ظهور آثار معقدة على الصحة العامة؛ نظراً لإمكانية تغيير أنماط الإصابة بجميع الأمراض الشائعة الأخرى. لذلك، وفي حين أن هذا قد يكون من الأنباء السيئة، مع محاولات احتواء كوفيد - 19 الجارية، فإنه قد يعني ارتفاعاً في عدد الإصابات وربما اشتداد نزلات البرد على الناس. وعلى النقيض من ذلك يقف التحسين المستمر في المعارف الطبية المعنية بالحد من حدوث المرض وشدة الإصابة به.
أما السيناريو الثالث، وهو الأسوأ، فيتعلق بتحول الفيروس إلى وباء عالمي واسع النطاق، وربما يكون سيئاً أو هو أسوأ من وباء الإنفلونزا لعام 1918.
ولا ينبغي علينا النظر فقط في إمكانية حدوث وباء كورونا عالمياً، حيث إن هناك العديد من الأمراض الأخرى المرشحة لأن تتحول إلى أوبئة عالمية هي الأخرى (الإنفلونزا، والفيروسات الخيطية، وحمى لاسا، وحمى الوادي المتصدع، وحمى القرم كونغو، هي من بين الأمراض المعروفة، فضلاً عن ظهور أمراض أخرى مجهولة). بالإضافة إلى ذلك، هناك العديد من الكوارث الأخرى المحتملة أيضاً: القراد أو غيرها من الحشرات، والأمراض مثل داء الكلب المنتشر بين الحيوانات، ودمار المحاصيل الزراعية، والبراكين، والزلازل، والتغيرات المناخية، وآثار الكويكبات، وما إلى ذلك. وقبل تغيير استراتيجية الأجل الطويل، ينبغي على المستثمرين السؤال عما إذا كانت المعلومات الواردة بشأن فيروس كورونا قد غيرت بصورة كبيرة من احتمال وقوع حادثة الوفاة الجماعية على مدى العقود القليلة المقبلة.
ولإلحاق بعض الأرقام بالأمر، اتخذت نموذجاً جرى تطويره في عام 2017، ونشرته منظمة الصحة العالمية من أجل الآثار الصحية والاقتصادية للأوبئة المحتملة. ويتعلق هذا النموذج بمخاطر فيروس كورونا ومرض الإنفلونزا. لا يظهر من النموذج شيوع أي أوبئة خلال 84 عاماً من أصل 100 عام، ويتوقع وصول الوفيات العالمية الناجمة عن كورونا والإنفلونزا إلى 200 ألف حالة وفاة، مع انخفاض الدخل العالمي الإجمالي بنسبة 0.2 نقطة مئوية.
أما بالنسبة لما يتعلق بالأسواق، فما زلنا في مرحلة السيناريو الأول، إمكانية احتواء الفيروس. وفي هذه الحالة، يمكننا التوقع لإجمالي الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا ومرض الإنفلونزا في عام 2020 أن يدور حول المتوسط.
- بالاتفاق مع «بلومبرغ»