فرانسيس ويلكنسون
TT

الخوف من «كورونا» ينقذ متاجر السلاح

لقد فعل الاتحاد الوطني الأميركي للسلاح، الذي ينشط في الأجواء الهستيرية من أجل زيادة عدد أعضائه وكذلك مبيعات الأسلحة، الصواب حين واجه خطراً حقيقياً، حيث ألغى مؤتمره السنوي، الذي كان من المقرر عقده خلال الشهر المقبل في مدينة ناشفيل بولاية تينيسي، على خلفية المخاوف من فيروس «كورونا».
الكثير من أعضاء الاتحاد من كبار السن مما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بهذا الفيروس. مع ذلك لا يحظى هذا القرار بشعبية بين صفوف الأعضاء، الذين يقفون وراء الاختلافات حول نقاط نقاش تيار اليمين بشأن ذلك الوباء الذي مر بفترة عصيبة.
دائماً ما يكون هناك جانب إيجابي في كل كارثة بالنسبة إلى صناعة السلاح، حيث يبدو أن الخوف، الذي يثيره فيروس «كوفيد - 19»، يخفف من حدة «التراجع الاقتصادي» في مبيعات السلاح، إلى جانب تداعي الاقتصاد بشكل كبير، حيث بلغ نمو مصرف «غولدمان ساكس» خلال الربع الثاني من العام -5%، في حين يعتقد البعض أن الوضع سيزداد سوءاً.
يهرع بعض الأميركيين نحو متاجر البقالة لأسباب مفهومة ومبررة لكنها غير منطقية في الوقت ذاته، حيث لا يوجد نقص في السلع الغذائية، أو موزّعي أو مصنّعي الأغذية، أو متاجر البقالة، أو النباتات، أو الحيوانات. في الوقت الذي تفرغ فيه أرفف المتاجر من السلع الغذائية، يزداد الطلب بجنون ذي طابع وجودي على الأسلحة النارية. كذلك ازدادت عمليات فحص المعلومات والبيانات الشخصية الخاصة بمشتريات الأسلحة خلال العام الحالي، وتوجد تقارير تشير إلى زيادة الطلب على الأسلحة النارية والذخيرة.
مثل التكالب على المواد الغذائية بدافع الذعر والهلع، فإن التكالب على شراء السلاح مفهوم وجنوني أيضاً، حيث ذكر شخص يشتري بندقية نصف آلية ومسدساً نصف آلي للمرة الأولى في حياته لصحيفة «نيويورك تايمز» أنه «يخشى من أن يؤدي الفيروس إلى انهيار النظام العام، وحدوث عمليات نهب وسرقة، وأن يتم إغلاق كل شيء كأننا في فيلم عن (الموتى الأحياء)».
على الجانب الآخر نجد واين لابيير، رئيس الاتحاد الوطني للسلاح، يستعرض في خطاب متأثر بأفلام «الموتى الأحياء» منذ ستة أعوام، نبوءة غريبة تنذر بنهاية العالم، حيث يتحدث عن «موجات وحشية من المواد الكيماوية أو مرض قد تسبب انهيار المجتمع» إلى جانب ذكره أسباباً كثيرة أخرى تجعل كل أميركي بحاجة إلى ترسانة أسلحة نصف آلية.
بطبيعة الحال ليس ثمن تلك الترسانة زهيداً، حيث يتراوح سعر طراز «إيه آر - 15» بين بضع مئات وبضعة آلاف من الدولارات. وفي ظل تعرض الاقتصاد لهذا الضغط الهائل، وإغلاق المطاعم والمتاجر في مختلف أنحاء البلاد، من المؤكد أن معدل البطالة سوف يرتفع. يبدو مرجحاً أن بعض المستهلكين، الذين يصطفّون لشراء الأسلحة الباهظة خلال الأسبوع الحالي، ربما يصطفون من أجل الحصول على مزايا ومساعدات مالية خلال الأسابيع المقبلة.
بعبارة أخرى يمكن القول إن إنفاق المال على شراء سلاح نصف آلي في وقت تتصاعد فيه قوة الفيروس، ويتراجع فيه النشاط الاقتصادي، قد لا يمثل نموذجاً للإنسان الاقتصادي ذي التفكير المنطقي العقلاني. ويصدق ذلك بوجه خاص بالنظر إلى أن أول المسؤولين عن الاستجابة في صفوف الحكومة، بمن فيهم ضباط الشرطة وغيرهم من أفراد سلطات تطبيق القانون، إلى جانب أفراد القوات المسلحة، هم من سيظلون يتقاضون رواتبهم، ويحتفظون بوظائفهم على الأرجح.
بطبيعة الحال لدى صناعة السلاح الكثير من الشركاء في تأجيج هذه الحالة الهستيرية، فالبنية التحتية للحملات الدعائية لتيار اليمين متسعة وتتسم بالتنوع، حيث تستطيع الوصول إلى ملايين الناس من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، والنشرات الصوتية، والإذاعة، وموقع «يوتيوب»، ومحطة «فوكس نيوز»، إلى جانب التلفزيون الروسي والحسابات الوهمية.
مع تزايد ظهور المرض في المجتمع، ونسيان الدعاية «المخادعة» التي انتشرت مؤخراً بشأنه، ستكون هناك فرص كثيرة لاستغلال الوباء لتحقيق مكاسب مالية وسياسية. تشير الصفوف الموجودة أمام متاجر الأسلحة إلى أنه لن يكون هناك نقص في الأهداف الموجهة إليها تلك الأسلحة أيضاً.
* بالاتفاق مع «بلومبرغ»