يحارب علماء الأوبئة في الولايات المتحدة مرضاً عصياً على التعرف، وذلك بسبب النقص الواضح في الاختبارات الخاصة بفيروس «كورونا». في حين أن صناع السياسات الاقتصادية يحاربون، على صعيد آخر، ركوداً اقتصادياً لا يمكنهم تصور ماهيته.
بكل تأكيد، من السهل معرفة أن الفيروس الذي يجتاح العالم راهناً يشكّل واحداً من أكبر التهديدات الاقتصادية القائمة. وتحوّلت مدن وبلدان بأكملها إلى ما يشبه الحجر الصحي المفتوح في محاولة مضنية لمكافحة انتشار الفيروس. ومن المحتمل أن تندرج الولايات المتحدة تحت نفس القائمة قريباً، على الرغم أنه في الآونة الراهنة تبدو الأمور بصورتها الأساسية عبر أرفف المتاجر والمحلات التي نفدت منها منتجات المطهرات والمنظفات الصناعية لسبب من الأسباب. وما زلنا نجهل المقدار الحقيقي للانكماش الاقتصادي المتوقع. ربما يكون انكماشاً حاداً وسريعاً أو بطيئاً وطويلاً. ومن شأن ذلك ارتفاع الصعوبة في أعداد الترياق المناسب. ولم يفعل الرئيس دونالد ترمب أكثر من الصراخ في وجه مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي، على الرغم من أنه بدأ التفكير في استعمال بعض الحوافز المالية، بما في ذلك الإعفاء من ضريبة الرواتب.
ويقترح الكاتب نوح سميث أن أفضل طرق الحل تكمن في الاستعانة بالقوائم النقدية والمالية على حدٍ سواء لمواجهة صدمات العرض والطلب الراهنة. ومن شأن ذلك تحفيز التسهيلات الكمية من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي، بما في ذلك ديون الشركات هذه المرة، جنباً إلى جنب مع الإنفاق الصحي العام الآن، وبعد ذلك الإنفاقات الكبيرة على مشروعات البنية التحتية في وقت لاحق.
وليس من المستغرب معرفة أن مختلف البلدان في حاجة إلى أنواع مختلفة من المحفزات. وعلى الرغم من اتساع المجال أمام بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي لتخفيض أسعار الفائدة، فإن بعض المحللين يقولون إن انخفاض أسعار الفائدة في آسيا سوف يُلحق الأضرار بالمصارف التي تزيد من حركة التجارة العالمية. وكل من قام بزيارة إلى محطة بنسلفانيا في نيويورك سوف يدرك تماماً مدى حاجة الولايات المتحدة إلى ترقية وتحديث البنية التحتية. وفي الصين، من ناحية أخرى، هناك الكثير من مشاريع البنية التحتية بأكثر من المطلوب، مما يجعل من زيادة الإنفاق عليها يرجع بنتائج عكسية.
ومع ذلك، فلقد تم إنفاق تلك الأموال على الرغم من السخاء الحكومي الذي يحدد معالم الحقبة الجديدة للأسواق المالية، فيما يمكن أن يعد رجوعاً إلى حقبة السبعينات من القرن الماضي، وهو الأمر الذي لا بد من الانتظار حتى مشاهدته.
وأدى التراجع النفطي إلى الإتيان على أرباح شركة «أوكسيدنتال بتروليوم»، في أنباء شديدة الإزعاج بالنسبة إلى المساهمين وأصحاب المصالح المعنيين، على اعتبار حصول وارين بافيت على أرباح جيدة للأسهم المفضلة التي ابتاعها لمساعدة الشركة على تفادي تصويت حملة الأسهم لصالح صفقة الشراء الضخمة لشركة «أناداركو بتروليوم». وتتحمل شركات النفط الكبرى المثقلة بالديون الكثير من الأعباء كذلك، ومن بينها شركات «برتيش بتروليوم»، وشركة «رويال دويتش شل».
ربما نتوقع أن الكوكب بأسره سوف يواجه خسائر حرب أسعار النفط المشتعلة، على افتراض أن الوقود الأقل تكلفة سوف يدفع الناس إلى المزيد من الاستهلاك. ويشير أحد المراقبين إلى أن الأمور هي أكثر تعقيداً من ذلك، وفي كثير من الحالات، ولا تزال مصادر الطاقة المتجددة أرخص من الوقود الأحفوري. وسوف يُعلق الكثير من الأمور والنتائج على ما سوف ينتهي إليه التحفيز المالي الصيني لمختلف منتجات الكربون.
ساعدت أحلامُ التحفيز المالي الوردية الأسهمَ على الاستراحة المؤقتة من الانهيار المتوقع. وارتفعت عائدات سندات الخزانة ذات السنوات العشر إلى 0.8 نقطة مئوية تقريباً. ولا يزال من الصعب الفرار من الشعور بأن الكثير من الحجج المؤيدة لأطول الأسواق صعوداً في التاريخ قد تداعت، بما في ذلك الوثوق في الحالة الاستثنائية الأميركية. ولكن بعض هذه الحجج لا تزال قائمة.
ومن شأن موجة التحفيزات المالية أن ترجئ طرح مثل تلك التساؤلات وتدفع الناس المذعورين من شراء السندات لأن يشعروا بمزيد من الحمق وتنهار قراراتهم في أجل قريب. وكانت لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي آمال أفضل، فإن انهيار سندات الخزانة إلى المستوى الصفري السحيق سوف يُلحق الكثير من الأضرار بالنظام المالي. وسف يضطر «الاحتياطي الفيدرالي» إلى كبح جماح عملية عكس التحولات – الأمر الذي يدفع أسعار الفائدة إلى الارتفاع، من أجل مكافحة تلك النتائج.
- بالاتفاق مع «بلومبرغ»
9:8 دقيقة
TT
«كورونا» من أكبر التهديدات الاقتصادية القائمة
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة