شريا أوفيد
بالاتفاق مع «بلومبيرغ»
TT

«أبل» وآليات العمل القديمة

تبدو الرغبة الكامنة لدى شركة أبل في القيام بأمر يعارض طبيعتها الغالبة: اتساع قاعدة الأجهزة والمنتجات ذات الصلة بالإنترنت التي تقوم الشركة على إنتاجها. وكانت الشركة قد اعتادت التفاخر بأن كافة منتجاتها يمكن أن تنتظم على طاولة عرض واحدة. وكان ذلك رمزا من رموز تركيز الشركة على إنتاج عدد صغير من الأجهزة المثالية بكل امتياز، فضلا عن سلسلة من البرمجيات والتطبيقات التي تزيد من فائدة وفعالية تلك الأجهزة والمنتجات الراقية.
يعد المضي قدما من أحدث حيل شركة أبل التجارية في هذه الأيام. إذ عكست بيانات مبيعات الآيفون يوم الثلاثاء الماضي، وبشكل صارخ، أن طاولة الشركة في هذه الأثناء لا بدَّ وأن تكون بحجم مركز للمؤتمرات. لدى أبل في الآونة الراهنة ثلاثة موديلات من هاتف الآيفون يجري تحديثها كل عام، بالإضافة إلى عدد هائل من الآيباد ومختلف الإصدارات من حواسيب ماك، والعديد من موديلات الحواسيب المعصمية، وسماعات الرأس، والمساعدات الصوتية، وحافظات الهواتف الذكية، ولوحات مفاتيح الآيباد، وعدد متزايد من مواد الترفيه المرئية على الانترنت، وألعاب الفيديو، والمواد الإخبارية، وغير ذلك الكثير.
غير أن الجانب السلبي المحتمل لهذا الكم الهائل من المنتجات يتمثل في أن بعضها قد لا يكون جيد للغاية أو يتعلق بانخفاض الطلب المستمر عليه. فإن جهاز «هوم بود سبيكر» المساعد الصوتي، على سبيل المثال، لا يسجل مبيعات جيدة على الإطلاق، ونادرا ما يذكر المسئؤولون في الشركة الاشتراك لمدة 6 شهور في خدمة إبل نيوز بلس الإخبارية، إلا من باب الإقرار بوجودها ليس إلا.
يكمن الأثر العملي للمزيد من المنتجات التي تعمل شركة أبل على تعديلها بصفة متكررة في أنها ترجع بالمزيد من العائدات والأرباح على الشركة (في المعتاد). وقد سجلت عائدات الشركة من مبيعات نجم منتجاتها الأول (الآيفون) تراجعا بنسبة 15 في المائة خلال العام الجاري، كما نفدت لدى الشركة ألاعيب وحيل التسعير وغيرها من التعديلات الأخرى الرامية إلى رفع مبيعات الهاتف الذكي الأول لديها. وتعكس رغبة أبل المحمومة في توسيع تشكيلة المنتجات بوتيرة سريعة تلك الحقيقة الموجعة. وحيث إن المنتج الرئيسي في تراجع مطرد، فإن الشركة في حاجة ماسة إلى طاقة دعم كبرى للارتفاع من حالة الركود الراهنة.
إنها معادلة براغماتية تماما، ولكنها مثيرة للدهشة والاستغراب في آن واحد، أن تستعد شركة أبل لإعادة هيكلة منهج التسعير المعتمد لديها في محاولة لتخفيض أسعار منتجاتها الموصوفة أحيانا بالباهظة.
قالت أبل في الفعالية المنظمة أخيرا إنها تعتزم تضمين الاشتراك لمدة عام واحد في خدمة البث المرئي لديها (أبل تي في بلس)، بالنسبة للعملاء الذين يشترون هواتف الآيفون، أو حواسيب ماك، أو مشغل وسائط التلفاز. وإنها لخطوات بسيطة، ولكنها جزء من إصدار (آي باندل) – وهو إعلان سعر واحد للأجهزة فضلا عن الإضافات الأخرى التي كان الناس يحضون أبل على تجربتها من قبل.
ينبغي القول إنه مع تخلي أبل عن مبيعات الاشتراك المباشر والمحتمل لخدمات (أبل تي في بلس) وبسعر شهري منخفض قدره 4.99 دولاراً، فمن غير المحتمل أن تكون خدمات البث المرئية عبر الانترنت هي محرك زيادة الأرباح الذي ينتظره المستثمرون من عروض البرمجيات والانترنت لدى الشركة. إن الأوقات الاستثنائية في عمر أية شركة تستلزم التوقف عن الاستعانة بأساليب العمل القديمة التي عفى عليها الزمن.
ولا أدري إن كانت حقيبة ألاعيب «أبل» سوف تفلح هذه المرة. فلقد تراجعت مبيعات الهواتف الذكية في جميع أنحاء العالم، والتوجهات نحو المزيد من البرمجيات الآلية، والذكاء الصناعي، وعولمة التكنولوجيا ليست بالأمور البسيطة في جعبة شركة أبل. وإنني أقدر كثيرا قرار شركة أبل بالمضي قدما صوب التغيير – أخيراً – ولمواجهة الواقع الطبيعي الجديد الأكثر صعوبة من حيث التعامل.

-بالاتفاق مع بلومبرغ