خالد القشطيني
صحافي وكاتب ومؤلّف عراقيّ
TT

عود لأيام نوري السعيد

وردني كثير من التعليقات على موضوع نوري السعيد؛ رئيس الحكومة العراقية في العهد الملكي، مما يدل على أن الرجل لم يمت. ما زال العراقيون يروون حكاياته وأعماله؛ سلباً أو إيجاباً، ومنها حكايات إفطاره مع كثير من الفنانين والأدباء. وكان مما وردني عن ذلك رسالة من الأخ والزميل إبراهيم الزبيدي، وأذكرها بالنص نظراً لأن الأخ الزبيدي كان مسؤولاً عن الإذاعة العراقية خلال وجوده في العراق، وسبق له أن أصدر كتاباً يروي تجربته بعنوان: «دولة الإذاعة». فهو بحق خير مصدر لكل ما يتعلق بالإذاعة العراقية وكثير من شؤون العراق، كما أعرف. كتب لي فقال:
«تحياتي واحترامي واعتزازي...
تكملة لحكاية أيام نوري السعيد كما رواها لي الراحل موحان:
حين شرح موحان للباشا (نوري السعيد) الأمر وأخبره بأن ليس في إمكانه تغيير الأغاني لعدم وجود المسؤول عن قسم التنسيق، والذي لديه وحده مفاتيح قسم المكتبة التي تحتوي على أشرطة الأغاني والموسيقى، شعر الباشا بالأسف لأنه قسا على موحان وهو بريء. فدعاه إلى منزله القريب من الإذاعة لتناول فطور الصباح معه، وهكذا كان.
وهذه؛ أخي أبا نايل الحبيب، هي زبدة القصة. لم يفعلها ولا يفعلها قبله أحدٌ من حكام العراق.
لك من أخيك كل مودة».
يا عزيزي إبراهيم؛ هذه حكاية طريفة ككل ما يروى من الحكايات عن نوري السعيد. ما يلفت النظر فيها ومن غيرها أيضاً من حكايات متعلقة بنوري السعيد، أن الباشا كان دائماً يدعو الفنانين والأدباء للمجيء إلى بيته صباحاً وتناول الإفطار معه. هكذا فعل مع المونولوجيست الكبير عزيز علي؛ كما أتذكر.
هذا أمر عجيب يبعث في نفسي التساؤل. المعتاد في رؤساء الحكومات والمسؤولين أن يدعوا الناس لتناول الغداء أو العشاء معهم. لماذا كان الباشا يدعو الناس إلى الإفطار معه؟ لم تذكر يا أخي إبراهيم أنه دعاك أنت أيضاً يوماً للفطور معه. هذه حكاية سيكون لها ما يكون.
الحقيقة أن هذا السلوك يتطلب محللاً نفسياً ملماً إلماماً جيداً بتاريخ العراق وحياة نوري السعيد في العهد الملكي. ولا أريد أن أطيل في الموضوع... وأنا لم أفطر أو أتعشى مع الباشا يوماً لأعرف.