د. شمسان بن عبد الله المناعي
TT

التحالف المنهار والعقوبات الفتاكة

كان متوقعاً أن تلتقي ردود الفعل التركية والإيرانية والقطرية وهي تذرف دموع التماسيح على تنظيم الإخوان المسلمين لمجرد أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب عازم على تصنيف جماعة الإخوان المسلمين تنظيماً إرهابياً، وهذا القرار لا يحقق مصالح كثيرة لكل دولة من الدول الثلاث، تركيا وإيران وقطر، وكل له أهدافه الخاصة، وهو تحالف شرس يأوي يسعى لتدمير المنطقة.
التحالف ظهر إلى الواقع بدءاً من 5 يونيو (حزيران) 2017، وذلك عندما تمت مقاطعة قطر من قبل الرباعية العربية؛ بسبب المؤامرات التي يدبرها النظام القطري في المنطقة وضلوعه في الإرهاب، وإن كان اللوبي الإخواني له جذوره الممتدة على أرض قطر، حيث أصبحت قطر ملجأ للتنظيم الإخواني، حتى استطاع هذا التنظيم إدارة شؤون الدولة بالكامل والتغلغل في مفاصلها.
ولكل طرف من أطراف هذا المثلث مصالحه الخاصة، ولعل النظام الإيراني هو من أكبر المستفيدين من هذا التحالف، وفي هذه الفترة بالذات بسبب العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على هذا النظام بسبب تصديره الإرهاب وزعزعة استقرار المنطقة كلها، وتهديداته المستمرة بإغلاق مضيق هرمز. حيث قامت إيران بالتدخل في شؤون دول الخليج الداخلية وحاولت استغلال أزمة اليمن كي يكون لها اليد الطولى في منطقة الخليج، ولتنفيذ مشروعها الصفوي؛ ولهذا فتح النظام القطري الباب واسعاً أمام إيران لتوثيق العلاقات معها.
أما تركيا فأهدافها تتمثل في محاولة تصدير إردوغان أزمته الداخلية وتعزيز مكانة «الإخوان» في دول الخليج؛ فالدوحة تستفيد من هذا التحالف لاعتقادها أنها عندما تقوم بهذه الخطوات تعتقد أنها بذلك تحمي أمنها الداخلي، ولكنها سترى في ما بعد كيف ستصبح لقمة سائغة لهاتين الدولتين.
واعتبر الخبير في الشؤون التركية، بشير عبد الفتاح، في حديث هاتفي مع موقع «سكاي نيوز عربية» أن «المشروع الإردوغاني» (في إشارة إلى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان) هو الدافع الأول، وقال: «إذا أقرت الولايات المتحدة القرار وتصنيف (الإخوان) جماعة إرهابية، فإن هذا سيوجه ضربة قاضية للمشروع الإردوغاني؛ إذ عمل إردوغان جاهداً للترويج لـ(الإخوان)، وإقناع إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما بدعمها، مدعياً قدرتها على مواجهة المتطرفين». وبالتالي فإن النموذج الذي سعى للترويج له وحاول تحقيقه سينهار تماماً مع تصنيف ترمب (الإخوان) جماعة إرهابية».
وعلى الرغم من أن قطر لم تصدر رداً رسمياً على الإجراءات الأميركية لتصنيف «الإخوان» جماعة إرهابية، فإن خروج الرد الإيراني من قلب الدوحة كان كفيلاً بتوجيه رسالة مفادها أن الدوحة لا تزال تراهن على الجماعة الإرهابية لتتمسك بما تعتقد أنها «أوراق ضغط» على بعض دول المنطقة لتخسر بذلك الرهان.
ومن أكبر المستفيدين من هذا المثلث الإجرامي هو النظام الإيراني، وذلك لتنفيذ مطامعه التوسعية والتدخل في الشؤون الخليجية، وكذلك دعم الحوثيين في اليمن بعد ضعف موقفهم في اليمن، خصوصاً بعد تدخل قوات التحالف العربي بقيادة السعودية، والأهم من كل ذلك هو إيجاد محور دولي يقاوم العقوبات الاقتصادية الأميركية التي دخلت المرحلة النهاية، وأصبح النظام الإيراني يعترف لأول مرة قائلاً لشعبه: «شدوا الأحزمة» وسمى هذه العقوبات «الحرب الاقتصادية»، والتي إذا ما استمرت 5 سنوات، كما يقول المراقبون الدوليون، فسوف تؤدي إلى انتفاضة للشعب الإيراني ونهاية نظام الملالي.
ولتركيا أهداف أخرى؛ أهمها محاولة إردوغان تصدير الأزمة الداخلية التي يواجهها مع المعارضة، مما دعا تركيا إلى أن تدخل في هذا التحالف خوفاً من أن يحدث لها مثلما حدث لقطر، فمعظم الأسباب التي دفعت الدول لمقاطعة النظام القطري؛ ومنها إيواء العناصر الإرهابية، خصوصاً الإخوان المسلمين، دعا تركيا إلى أن تدافع عن النظام القطري بالوسائل كافة من أجل محاولة إنقاذ النظام القطري من السقوط، وبالتالي يسقط نظام إردوغان الذي هو الداعم الرئيسي لجماعة «الإخوان» في كل دول العالم.