د. شمسان بن عبد الله المناعي
TT

الجيش الليبي والقضاء على الميليشيات

نفد صبر الجيش الوطني الليبي على بقاء الوضع السياسي في البلاد على ما هو عليه، منذ الإطاحة بنظام القذافي. فإلى يومنا هذا، يعاني الليبيون من أعمال التخريب والعنف من جماعات إرهابية، لا تفرق بين طفل أو شاب، تفتك بالجميع. وجاء هذا حتى لا تصبح القضية الليبية معلقة في سراديب الأمم المتحدة ومجلس الأمن من دون حل، ويبقى الوضع على ما هو عليه، بعد أن عجزت الأمم المتحدة ومجلس الأمن عن إيجاد حلول سياسية لحلحلة قضايا عربية، على رأسها الإرهاب.
كل ذلك جعل الجيش الوطني بقيادة خليفة حفتر يتقدم نحو العاصمة لفكها من العصابات الإرهابية، فهو يرى أن بلاده تنزلق إلى منحدر خطير ومأوى لكل الإرهابيين في العالم، بدءاً بـ«داعش»، وانتهاء بـ«القاعدة»، ومروراً بـ«الإخوان المسلمين»، وأصبحت بلاده مهددة بالانقسام إلى فصيلين يسعيان إلى نيل الشرعية، لذا كان لا بد من الحل العسكري، حيث أعلن الجيش الوطني الليبي إطلاق عملية عسكرية لتحرير طرابلس، وذلك بعد أن سيطرت قواته على مدينتي صرمان وغريان، وأمر المشير حفتر، قوات الجيش بالتقدم تجاه العاصمة طرابلس، وذلك بعد يوم من الإعلان عن عملية غرب البلاد للقضاء على الإرهاب.
وجاء في البيان الذي قرأه الناطق باسم الجيش الوطني؛ أن رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، فايز السراج، فشل في نيل الثقة من البرلمان، ولم يكسب أي شرعية من البرلمان أو أي جهة رسمية، ولذا «حسمنا قرارنا مع السراج، والكلمة ستكون في المعركة».
كذلك هناك جانب مهم يفسر قيام الجيش الوطني بالاتجاه لتحرير طرابلس، وهو فشل المبعوثين الدوليين في حل الأزمات في الدول العربية، وأصبحت الأمم المتحدة تعمق من هذه الأزمات العربية، بدل حلها، وذلك لأن الحلول الدبلوماسية أصبحت تتدخل فيها مصالح الدول، ما يجعلها تركن على الرفوف في الأمم المتحدة.
يمكن فهم طبيعة الأوضاع في ليبيا، بعد أن أصبحت ميليشيات «الإخوان المسلمين» و«داعش» و«القاعدة» تزداد قوتها، وتقوم بأعمال إرهابية، تزداد يوماً تلو آخر، بجانب عجز حكومة الوفاق في طرابلس عن القيام بعمل جدي، خاصة أن الإرهابيين يتلقون دعماً بسبب التدخل التركي والقطري في قضية ليبيا، ودعمهما لـميليشيات «الإخوان المسلمين» بجميع أنواع الدعم العسكري واللوجستي والمالي والإعلامي، حيث تبثّ قنوات فضائية من الدوحة وإسطنبول ولندن كل السموم لمنع الوصول إلى حل، وأصبحت نوافذ يطل من خلالها الإرهابيون، ليبرروا أعمال القتل والسرقة والخراب الذي ينشدونه في أرجاء ليبيا، وأكثر من ذلك ينطلق بعض هؤلاء الإرهابيين إلى مصر للقيام بأعمال إرهابية ضد الجيش المصري في سيناء.
وبعد أن أعطى الجيش الوطني كثيراً من الفرص للأمم المتحدة والمنظمات الدولية والعربية للقيام بحل سياسي للقضية، فشلت جميعها، ووصلت إلى طريق مسدود بسبب ضعف حكومة الوفاق في طرابلس، كان لا بد من هذا التحرك، لتحرير العاصمة الليبية من العصابات الإجرامية.
وعليه إذا أريد إنقاذ ليبيا من هذه العصابات التي تعيث فيها فساداً، لا بد من أن يكون الشعب الليبي في مستوى المسؤولية لدعم جيشه، وهو المؤسسة العسكرية الوحيدة المؤهلة للقضاء على المجرمين والإرهابيين، ليتسنى البدء في إعادة البناء وصنع التقدم.