مها محمد الشريف
كاتبة سعودية مختصة بقضايا الشرق الأوسط والعالم، كتبت في العديد من الصحف الرسمية السعودية وصحيفة «الرؤية» الإماراتية، وتكتب بشكل دائم في صحيفتَي «الجزيرة» و«الشرق الأوسط». لها اهتمامات بالرسم والتصميم الاحترافي.
TT

العالم يرفض قرار ترمب

عندما تقرر دولة عظمى قراراً يرفضه العالم لعدم عدالته، فهو يبقى قيد المراجعة الدقيقة والدؤوبة، وهذا هو المنطلق الحالي الذي تم رصده، فاليوم نحن أقرب ما نكون لفهم طبيعة العالم والصورة الجديدة التي يشهدها، من أي وقت مضى، فالأمر يحتاج إلى مزيد من الوضوح وتفسير حقيقي من الرئيس الأميركي دونالد ترمب: لماذا الاستمرار في صناعة الأعداء؟ حيث وجدتْ الولايات المتحدة نفسها في عزلة عن بقية أعضاء مجلس الأمن بسبب قرار الرئيس ترمب والاعتراف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان.
ضمن هذا الإطار السياسي النقدي الذي تناول الاعتراف الأميركي بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان، أكد الاتحاد الأوروبي أن الدول الأعضاء لن تتبع الولايات المتحدة في مسألة الاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان، وهذه الوقائع المتجددة من سجل التاريخ ترغم على النظر في حيثياتها ومراجعة نتائجها، وإبداء الرأي بشأنها، ليكون مسؤولية كبيرة تقع على عاتق أميركا من أمن الدول، وكيفية التعامل مع القضايا الخلافية، لذلك تبعت القرار انتقادات واسعة من المجتمع الدولي، وعلى مجلس الأمن بذل المزيد من أجل الحفاظ على السلام والأمن الدوليين والالتزام بالقرارين 242 و497، وألا يتأثر الأعضاء بالتطورات الأخيرة.
فانطلاقاً إذن من بيان الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي حول القرار الأميركي المرفوض أن يؤخذ بعين الاعتبار في جلسة مجلس الأمن، لا سيما أن الجغرافيا السياسية ترسم حدودها مصالح الدول الكبرى، التي تقوم على استراتيجية أميركية مدروسة بشكل جيد، ليكون غزو الدول العربية من الداخل بمعولي الهدم، تركيا وإيران، فلن يختلف الأمر في شيء عن الاحتلال الإسرائيلي، لأن كثيراً من الأمم عانت كوارث الحروب الأهلية والجماعات الإرهابية حتى تغلغلت إيران في دول المنطقة، وتضاعفت الخلافات السياسية ما جسد ضعف الكيان العربي، وبناءً على هذا التحول قامت على أثره برمجة زمنية أثمرت الوثيقة الموقعة من ترمب بالدعم المطلق لإسرائيل، وتأتي بعد الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، في خطوة عزف عنها جميع الرؤساء الأميركيين ممن سبقوه.
والأمر بحد ذاته ينطبق إلى حد كبير على الانتهاكات التي تمارسها القوات الإسرائيلية، وعليهم دفع تكاليف العنف ضد الفلسطينيين، وليس مكافأتهم بالسيادة على الجولان السورية، في خطوة سابقة بهذا الشأن أصدرت الوزيرة المسؤولة عن السياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، بياناً باسم الدول الأعضاء يعيد تأكيد وجهة نظر الاتحاد بهذا الخصوص، ليكون قبيل اجتماع مجلس الأمن الدولي بشأن قرار واشنطن، أن «موقف الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بوضع هضبة الجولان لم يتغير»، وأنه «تماشياً مع القانون الدولي وقراري مجلس الأمن الدولي 242 و497، فإن الاتحاد الأوروبي لا يعترف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان المحتلة».
فما الذي يحدث اليوم من دولة المراقبة الأميركية، بعدما أصبحت القرارات تخالف القانون الدولي في خطة انضم إليها حشد كبير من حلفاء إسرائيل على الساحة الدولية، وذلك يتجاوز قدرتنا على استيعاب المعالجة وفقاً للمعايير التي اعتاد العالم عليها!!