د. شمسان بن عبد الله المناعي
TT

إدلب: دول العالم تنشد السلام

تتجه أنظار العالم نحو محافظة إدلب السورية، التي أصبحت السيطرة عليها من قبل النظام وحلفائه صعبة، حيث فيها تتقاطع مصالح دول كثيرة، لعل أهمها تقاطع مصالح تركيا وروسيا، فجزء من إدلب هو من الحدود التركية، وسيطرة قوات النظام وروسيا عليها وإيران تراه تركيا تهديداً للأمن التركي.
وحذر الرئيس التركي، في مقال نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال»، من أن «العالم سيدفع الثمن»، وحذرت أميركا وبريطانيا وألمانيا وبقية الدول الأوروبية من أن استخدام الحكومة السورية للسلاح الكيماوي في إدلب لن يكون مقبولاً، وسترد ألمانيا على الأرض، بما يتوافق مع دستورها والقانون الدولي، فيما هدد الرئيس الأميركي والرئيس الفرنسي أنه إذا ما ثبت لديهم استخدام النظام السوري للسلاح الكيماوي، فإنه لا مفر من استخدام القوة ضد النظام السوري.
لذا أصبحت محافظة إدلب كالقنبلة الموقوتة، حيث تزج تركيا بقواتها، التي بلغت 30 ألف جندي، وقامت بمضاعفة الدبابات والمدرعات الموجودة على الحدود السورية، حيث يوجد في إدلب مسلحو الجيش الحر وسط ثلاثة ملايين من المدنيين.
وتسعى تركيا للتحالف مع ما تسميه «الجيش الوطني الحر»، والاستعدادات بدأت، حيث بدأ الجيش الحر بحفر الخنادق في المناطق المحيطة منذ أشهر، والواضح أن معركة إدلب لن تكون سهلة على النظام، كما كان الوضع في المحافظات الأخرى، مثل الغوطة الشرقية وحمص وحلب ودرعا ودير الزور، وغيرها من المحافظات التي سيطر عليها النظام.
خطورة معركة إدلب، التي إذا ما حدثت لن تكون معركة سهلة، لأنه سوف تشترك فيها أطراف دولية، وكلا الطرفين الرئيسين ليس لديه مجال للتراجع عن المعركة، حيث إن النظام السوري وحلفاءه يسعى إلى إتمام السيطرة على كل الأراضي السورية؛ والطرف الآخر، وبالأخص تركيا، تعني له السيطرة على إدلب تقوية الحزب الكردستاني المعارض للنظام في تركيا.
اللقاء المرتقب بين الرئيسين التركي رجب إردوغان والروسي بوتين بعد أيام هو الذي سيحدد مصير نشوب المعركة من عدمها، وفرص نجاح هذا اللقاء ضئيلة، وذلك لأن كل طرف حشد قواته ولا مجال للتراجع، إلا إذا ضغطت الدول الأوروبية، وأميركا بالأخص، على روسيا. ولكن روسيا تبدو مصممة على مهاجمة المدينة. كما أن تأجيل المعركة من قبل النظام السوري يعني في نظرهم تقوية المعارضة.
دول كثيرة تحاول أن تضغط على روسيا لتفادي الهجوم، مما يجعل موقفها حرجاً، فقد قالت وزارة الخارجية الفرنسية، في بيان: «إن مثل هذا الهجوم ستكون له انعكاسات كارثية» و«سيؤدي إلى كارثة إنسانية جديدة وهجرة كبيرة، حيث يمكن أن يهدد مباشرة ثلاثة ملايين مدني»، وفق أرقام مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في المنطقة. حقاً، هناك كارثة إنسانية سوف تقع إذا ما حدثت الحرب، فأعداد هائلة من المدنيين ستفر من إدلب، وسيتسببون في أزمة كبيرة، بالإضافة إلى احتمالات كثيرة ممكنة الحدوث، إذا ما نشبت هذه الحرب.