آيلين كوجامان
كاتبة معلقة ومحللة في التلفزيون التركي
TT

من يكون الرئيس المناسب لتركيا؟

بعد الانتخابات المحلية التي أجريت في 30 مارس (آذار)، سوف يتجه شعب تركيا إلى صناديق الاقتراع لثاني مرة في العام الحالي ولكن لاختيار رئيس جديد. هذه هي المرة الأولى التي يختار فيها الشعب التركي رئيسا. أصبحت الانتخابات التي تجري في البرلمان في هدوء وبأسلوب تقليدي ورمزي، خاصة بالشعب الآن. لن تكون الانتخابات الرئاسية هادئة ولا تقليدية ولا رمزية. ولن يكون هناك مرشح تنطبق عليها الأعراف البرلمانية.
يجب على المرشحين الآن إثبات أنفسهم أمام الشعب. سوف تخضع وعودهم وشعاراتهم وتصريحاتهم العامة، وسواء كانت لديهم ردود جاهزة أو كانوا يمتلكون عزما، لرقابة مستمرة. كل حركة منهم ستشكل أجندة تركيا في الوقت الحالي. ولكن بدلا من تقييم رؤى المرشحين، أفضل أن أركز على نوع الرئيس الذي تحتاج إليه تركيا، حتى يمكننا أن نركز على العثور على الرئيس الذي تحتاج إليه الجمهورية، بدلا من الجمهورية التي يشكلها الرئيس.
يجب أن نضع في اعتبارنا ثلاثة معايير وهي:
1. تركيا منطقة رئيسة في منتصف الطليعة في الشرق الأوسط.
2. يتأثر الشعب التركي بكل من الثقافة الشرق أوسطية - الإسلامية والنظام العلماني التحرري الأوروبي.
3. تتولى تركيا ومهمة جلب الديمقراطية والحرية للمضطهدين.
الرئيس التركي ذو أهمية لتلك الأسباب، لذا يجب أن يتخذ قرارات سريعة ودقيقة، وألا يرتكب أخطاء تتسبب في مشكلات في الشرق الأوسط، ويجب أن يفهم الشعب التركي بصورة جيدة جدا. وهكذا يجب على الرئيس الذي يحتاج إليه الشعب التركي أن:
يكون لديه نموذج؛ إذا لم يكن رئيس الدولة ذا رؤية، فسيكون هناك احتمال قوي أن الشعب الذي يمثله سلبي ويفتقر إلى قوة الإرادة. وسوف ينذر وجود شعب سلبي ضعيف الإرادة في تركيا بانهيار الدولة، وبالتالي الشرق الأوسط. يجب أن يكون ذا حماسة؛ يجب أن ينظر إلى تلك الدول التي تنتظر الحلول في الشرق الأوسط على أنها قضيته هو. ويحتاج في ذلك إلى حماس لتعزيز الديمقراطية في بلاده ثم تصديرها.
يجب أن يكون متدينا؛ الأمة التركية متدينة، بالإضافة إلى كونها علمانية وديمقراطية. لم ينجح مطلقا أي نظام أبعد الدين إلى المرتبة الثانية في البلاد، ولا يستطيع أن يفعل ذلك. ولكن في الوقت ذاته، يحتاج إلى أن يكون متسامحا مع الآخرين.. إلخ. ويجب أن لا يميز بين فئة وأخرى. يجب أن يجعل المرأة في أعلى المناصب؛ إذ إن أول شرط لكي يزدهر أي مجتمع، هو تقدير المرأة وضمان التعبير عنها في جميع قطاعات المجتمع.
يجب أن يقدر الفن والفنانين: فأهم سمة في «تركيا الأوروبية» هي أنها تقوم على أساس من الحرية والحداثة والثقافة. والشرط المسبق لكي يتحقق ذلك هو وضع المرأة والفن في أعلى المراتب.
يجب كذلك أن يكون صبورا وصارما؛ يجب ألا يغضب بسرعة، وأن يضع في اعتباره أن الآخرين قد يفكرون بشكل مختلف. ينبغي عليه أن يعامل الشعب كأبنائه بأن يكن له مشاعر أبوية. يجب ألا ينسى دور الوسيط الذي تقوم به تركيا بطريقة طبيعية، ويعلم أنه لا مجال للغضب في نظام يحقق السلام من خلال الوساطة. وعليه أن يسعى إلى طرق لكسب الناس - والدول - من خلال الود بدلا من رفضهم نتيجة للغضب.
يجب عليه أن يتخلى عن الوضع الراهن القديم والسلطة الأبوية؛ فتركيا تنمو، ولكنها تكره النظام السلطوي القديم، وقد يشعل الحفاظ على الوضع الراهن حوادث جديدة على غرار جيزي. يجب أن يتحدث عن التغيير؛ ويجب أن لا يقتصر ذلك على جميع قطاعات الشعب في تركيا، ولكن يجب أن يتضمن سياسة جديدة تجاه الشرق الأوسط. يجب أن لا يرى أنه فوق الشعب بل واحد منه. تريد الجماهير أن يمثلها واحد منها. يجب أن يحافظ على القيم الأخلاقية التركية؛ ودائما ما كانت استضافة اللاجئين مصدر فخر لنا، بينما تلحق اللغة التي تبتعد عن تلك القيم وغيرها أضرارا بالمجتمع.
يجب ألا يكون مطلقا سببا في الانقسام.
تنطبق بعض من تلك الشروط بالتأكيد على المرشحين الرئاسيين الثلاثة - طيب إردوغان وأكمل الدين إحسان أوغلي وصلاح الدين دميرتاش - بطريقة أو بأخرى، ولكن ليس من الصعب أن تتحقق جميعا. وكما أن الطبيعة العلمانية والثقافية ليست عقبة أمام الالتزام الديني، لا يعد كون المرء من الشعب عقبة أمام تبني الفن والثقافة الأوروبية. كما يمكن أن يكون الزعيم محبوبا وقويا معا، ويمكن أن يلتزم بإخلاص بمبدأ أتاتورك العلماني مع التأكيد بقوة على الالتزام الديني، من تلاوة القرآن والصلاة، بل على العكس، إنهما يكملان بعضهما الآخر.
لا داعي لخطب طويلة لإظهار تلك الصفات؛ فكلمة واحدة مناسبة أو فعل واحد مناسب هو كل ما يحتاج إليه المرشح للفوز بقلوب الناس. هذه الانتخابات الرئاسية ليست انتخابات عادية؛ إنها تعيد تشكيل بنية تركيا السياسية بالكامل، وتعني أيضا رؤية جديدة للشرق الأوسط. إنها تعني ظهورا جديدا وقويا من تركيا في سياستها الخارجية. وتعني أن جميع السياسات ستخضع لمراجعة وتغيير منهجي، وقبل كل ذلك تعني التخلي عن العادات القديمة. سوف يرى الشرق الأوسط كله قريبا أشياء عظيمة ستحدث في تركيا بداية من 10 أغسطس (آب).