محمد رُضا
صحافي متخصص في السينما
TT

الاختفاء الغامض لدو برينس

لم يكن الأخوان أوغوست ولويس لوميير أول من صوّر الأفلام على شريط سيليلويد، بل لم يكن عرضهما في مقهى «صالون إنديان دو غراند» في باريس بتاريخ 28 ديسمبر (كانون الأول) 1895، هو الأول من نوعه. كل هذا مُشاع على حساب حقائق صغيرة أخرى مطوية، من بينها أن الفرنسي الآخر لوي آيمي أوغوستين لو برينس كان أول من صوّر أفلاماً بكاميرا واحدة، وعلى فيلم قريب من السيليلويد وذلك قبل لوميير بسبعة أعوام كاملة. وأن الأخوين الألمانيين ماكس وإيميل سكلادانوفسكي هما أول من عرض الأفلام عرضاً تجارياً وذلك في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) 1895، أي قبل أكثر من شهر من عروض لوميير.
بالنسبة إلى لو دو برينس، كان قد وُلد في ميتز، فرنسا سنة 1841 وانتقل إلى مدينة ليدز البريطانية حيث تزوّج هناك وانكبّ على صنع الكاميرات، وحقق 3 أفلام سنة 1888، كلٌّ منها مؤلَّف من بضع ثوانٍ كحال أفلام لوميير اللاحقة. اثنان منها ما زالا متوفرين على الإنترنت وهما «Roundhay Garden Scene» و«Accordion Player». هذه الأفلام الثلاثة كانت نتيجة شغل على استنباط الكاميرا واختراع السيليلويد المناسب طوال ثمانينات القرن التاسع عشر.
طموح لو برينس كان تسجيل اختراعه رسمياً في الولايات المتحدة، وهوقد عمد سنة 1889 إلى استحواذ هوية أميركية، إلى جانب هويته الفرنسية، لأجل الانتقال إلى نيويورك وتسجيل اختراعه واستكمال أبحاثه.
بل تم تعيين معرض يقع في مانهاتن، نيويورك (واسمه موريس - جومل مانشن) لكي يعرض فيه أفلامه واختراعاته. هذا كان من المفترض أن يتم سنة 1890، السنة التي لفّ فيها الغموض مصير هذا المخترع.
ففي الثالث عشر من شهر سبتمبر (أيلول) سنة 1890، ركب لو برينس القطار من بلدة بورجيز في فرنسا قاصداً مدينة باريس. هدف الزيارة كان توديع معارف وأقارب له هناك، وهو أكمل الرحلة وركب القطار من محطة ديجون، على أن يعود من باريس إلى لندن فمدينة ليدز بعد مكوث محدود في العاصمة الفرنسية. خطته كانت العودة إلى مدينة ليدز والسفر بالبحر إلى نيويورك مع أفراد عائلته.
الأصدقاء الذين انتظروه في محطة غار دليون في باريس فوجئوا بأنه لم يكن بين الركاب. شقيقه كان الوحيد الذي كان في وداعه وهو آخر مَن شاهده. قام البوليس بالتحقيق على طول سكة الحديد بين محطة ديجون وباربس من دون أن يجد جثة. فتّشوا القطار بحثاً عن حقائب كان لوي يحملها. استجوب طوال أيام لاحقة أشخاصاً كانوا على متن القطار ولم يلحظ أحدهم شيئاً غريباً. وبذلك انتهت حياة لو دو برينس غامضة كما عاش غامضاً.
غموض حياته كان له تأثير مسبق لتلك الحادثة. فقد أحاط عمله بسرية تامّة، ما منع من اكتشاف كامل ما حققه، وبالتالي جعله أقل تأثيراً مما كان مقدراً له.
أقاويل عدة حاولت تفسير هذا الاختفاء المفاجئ، من بينها أن خلافاً بينه وبين شقيقه نشب على ميراث ما. ومن أهمها أن الأميركي توماس أديسون استشعر المنافسة فأرسل إلى فرنسا من يتخلص منه.
بعد الحادثة حاول ابنه الأكبر أدولف تثبيت حق اختراع والده. في عام 1898 وُجد مقتولاً في بلدة فاير آيلاند، ولاية نيويورك.