محمد النغيمش
كاتب كويتي
TT

المديرة... ومتلازمة ملكة النحل

سمعت كثيراً عن مصطلح «نصير المرأة» ولم أسمع قط عن تعبير «نصيرة» المرأة، وقد يعود هذا إلى إصابة إناث «بمتلازمة النحل»! وهذا ما يذكرني بما كانت توصف به رئيسة وزراء بريطانيا من أنها «ملكة نحل»، لكونها لم تعزز من الوجود النسائي في حكومتها آنذاك. وهذا يشبه ما يسميه العلماء «متلازمة ملكة النحل»، وهي إشارة إلى دراسات نفسية شهيرة انطلقت عام 1973 لتظهر أن المرأة حينما تصبح في موقع المسؤولية فإنها تعامل مرؤوسيها أو زملاءها بطريقة حازمة وربما مهينة، في بعض الأحيان، إذا كن من الإناث، وفقاً لأستاذ علم النفس أودري نيلسون. فقد عرف العلماء في جامعة ميتشيغان تلك المتلازمة بأنها تصف المرأة التي تولت زمام المسؤولية في بيئة عمل ذكورية بأنها تميل نحو معاملة معشر النساء بطريقة انتقادية حادة.
ويبرر هذا ما سمعته من نساء عدة عبرن عن أمنياتهن بألا تقودهن امرأة في العمل. فهذا الشعور السائد في بعض بيئات العمل، قد سلطت عليه الضوء أيضاً دراسة حديثة في جامعة أريزونا عرفنا من خلالها أن النساء المشاركات فيها كن أكثر ميلاً إلى كره بعضهن بعضاً مقارنة بالذكور. فالمرأة حينما ترغب في تبوؤ مناصب عليا تميل نحو استهداف أقرانها من الإناث، لا سيما اللاتي يهيمن على مناصب قيادية، حسبما ذكرت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية. وعندما دفع الفضول الباحثين لمعرفة من يستهدف النساء في العمل بصورة مباشرة وفظيعة اتضح بأدلة قاطعة أن النساء هن من يستهدفن بعضهن بعضاً.
صحيح أن لكل قاعدة شواذ، غير أن الأبحاث العلمية تتوالى لتؤكد أن هناك فروقات واضحة بين الجنسين. وهذا لا يعني أن الرجل أفضل من المرأة. كل ما في الأمر أننا مختلفون. ومن أشهر من بحث هذا الأمر في بيئات الأعمال، الباحثة باربرا أنيس التي أمضت نحو عقدين من مسيرتها البحثية في دراسة الفروقات بين الجنسين في بيئات الأعمال لتضع خلاصة تجربتها في كتابها الحديث «Work with Me»، حيث أجرت مقابلات علمية منهجية لنحو 100 ألف شخص في 60 شركة من كبريات الشركات الأميركية، الخمسمائة الأولى، لتكتشف طائفة من الافتراضات الخاطئة السائدة والمناطق المبهمة في فهم الطرفين. وهو كتاب يستحق الترجمة العربية. وقد انضم إليها في تأليف هذا الكتاب عالم النفس ذائع الصيت جون غراي صاحب كتاب «الرجال من المريخ والنساء من الزهرة»، الذي أنصح وبشدة بقراءته أكثر من مرة، حيث شرح فيه أمثلة وحلولاً كثيرة، منها مثلاً أن الرجل كالأحزمة المطاطية يحتاج بين حين وآخر إلى أن يتمدد ليذهب إلى كهفه أو عزلته بحثاً عن شيء من الاستقلالية والحب. هنا لا يجب الحديث معه بل تركه وشأنه، لأنه «كقطعة مطاطية» سرعان ما سيعود إلى وضعه الطبيعي. أما النساء فهن مثل أمواج البحر تغمرهن سعادة بالغة (قمة الموجة)، في حين ينخفض مزاجهن إلى القاع بصورة مفاجئة وغير مفهومة لدى معشر الرجال. في هذه الأثناء، يجب ألا يحاول الرجل إصلاحها، بل المطلوب تفهمها بحسن الإصغاء إليها من دون التشرع بتقديم حلول.
هذه الفروقات بين كوكب النساء وكوكب الرجال، ليست مدعاة للصدام أو التندر، بل دليل على حاجتنا إلى أن نتفهم ونكمل بعضنا بعضاً في معترك الحياة. وما «متلازمة ملكة النحل» إلا أحد تلك الاختلافات الطبيعية.
[email protected]