زاهي حواس
عالم آثار مصري وخبير متخصص بها، له اكتشافات أثرية كثيرة. شغل منصب وزير دولة لشؤون الآثار. متحصل على دبلوم في علم المصريات من جامعة القاهرة. نال درجة الماجستير في علم المصريات والآثار السورية الفلسطينية عام 1983، والدكتوراه في علم المصريات عام 1987. يكتب عموداً أسبوعياً في «الشرق الأوسط» حول الآثار في المنطقة.
TT

آثار تحكي تاريخ المملكة

من أهم المواقع الأثرية بالمملكة العربية السعودية موقع قرية الفاو - عاصمة مملكة كندة الأولى - أو كما يطلق عليه اسم «قرية»، وهو الاسم المعروف لهذا الموقع في العصر القديم، وتقع الفاو على بعد 700 كيلومتر جنوب غربي العاصمة الرياض؛ ويعود تاريخها إلى القرن الرابع قبل الميلاد، حيث أقام الـ«ثور» مملكة في هذا المكان؛ أسموها قرية كاهل. وتعود أهمية الموقع إلى كونه يمثل استراحة للقوافل التجارية بين المدن القديمة؛ ولذلك عثر الأثريون على كتابات على الصخور تركها التجار بالحرف الجنوبي المسند. واتضح من الدراسات التي تمت على هذه اللغات أنها تحوي حقائق مثيرة لاهتمام اللغويين والمهتمين بتاريخ وتطور اللغة العربية.
ولقد قام كثير من الأثريين بالحفائر في الفاو؛ وخاصة بعثة جامعة الرياض، واستطاعوا أن يرسموا خريطة كاملة عن هذه المملكة القديمة أو حضارة كندة، وقد عثر بالموقع على بقايا أسواق وقصور بُنيت من الحجارة المنحوتة بجمال معماري وذوق راقٍ.
وما زلنا نرى في الموقع حتى الآن ضريحاً خاصاً بالملك معاوية، وقد تم بناؤه على شكل هرم مدرج صغير، وقد يكون هناك اتصال بين هذه المملكة وبين مصر في ذلك الوقت، وخاصة في فن البناء بالشكل الهرمي، وقد عثر أيضاً على معبد ديني، بالإضافة إلى مقابر أخرى خاصة بالنبلاء والطبقة الغنية.
ومن أهم ما يتم بالموقع حالياً هو تبني الأمير سلطان بن سلمان - رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني - مشروعات إدارة المواقع الأثرية، التي تؤهل المواقع الأثرية للزيارة، بحيث تصبح هذه المواقع مناطق إشعاع ثقافي تمنح المعلومات للزائرين، بالإضافة إلى تأهيل وترميم الآثار الموجودة من قصور ومعابد، وعمل مسار للزيارات، وتزويد الموقع بمتحف موقعي يحكي تاريخ الآثار، وكذلك مركز زوار يحكي قصة الموقع من خلال عرض الأفلام الوثائقية؛ والخرائط والكتب التي تحكي تاريخ الموقع على مر العصور؛ ولذلك سوف نرى الفاو ولأول مرة عبارة عن متحف كبير مفتوح.
وهناك موقع آخر مهم ينتمي إلى الآثار الإسلامية، وبذلك نوضح الجهود التي تتم لتأهيل مواقع ما قبل الإسلام، وكذلك المواقع الإسلامية؛ لأن كل هذه المواقع تحكي تاريخ المملكة على مر العصور، وهذا الموقع هو قلعة الأزلم، وتقع إلى الجنوب من مدينة حنبا. أما أهمية هذه القلعة فتعود إلى كونها من محطات طريق الحج المصري خلال العصر المملوكي والعصر العثماني، وقد شُيدت هذه القلعة في عهد السلطان محمد بن قلاوون، وأعيد بناؤها مرة أخرى في عهد السلطان المملوكي قانصوه الغوري، وذلك في عام 916 هجرياً، أما القلعة، فتعتبر مبنى معمارياً مهماً يتكون من ديوان كبير، وفناء، وحجرات داخلية، بالإضافة إلى حجرات نصف دائرية ومستطيلة. إنها حقاً مواقع تحكي تاريخ المملكة العربية السعودية.