الهجمات الالكترونية أصبحت الآن أداة فعالة قادرة على ان تشل حركة دول وتهز اقتصادهم، وتعتبر من أهم أسلحة الحروب الالكترونية؛ فالتصدي لها ضرورة من أساسيات استقرار أي بلد اقتصادياً وأمنياً. ان تقنيات وأساليب الاختراق في تطور مستمر وأثرها السلبي في تزايد كبير.
في عام 2015 ذكرت شركة التأمينات البريطانية (لويدز) أن خسائر الجرائم الالكترونية تقدر بأكثر من 400 مليار دولار سنوياً ما بين أضرار مباشرة وأضرار تبعية.
وذكرت "فوربز" مطلع العام الحالي 2017 ان توقعات الخسائر ستتضاعف خمس مرات في السنوات القادمة لتصل الى ما يقارب 2 تريليون دولار في عام 2019. السبب الرئيسي في ذلك يعود الى ان ارتباطنا بالتقنية في تزايد يوما بعد يوم، وأغلب الشركات تسعى لتقديم خدماتها الكترونياُ لتوفير سبل الراحة لعملائها، وهذا أسلوب ذكي ولكن بالمقابل كلما ازداد ارتباطنا بالتقنية أصبح مستوى الأمان الالكتروني في خطر ويحتاج للفتة جادة.
في السعودية تحديداً، ذكرت شركة كاسبير سكاي الأمنية من خلال دراسة أعدتها ان 60% من المنشآت السعودية تعرضت لهجمات الكترونية خلال العام الماضي فقط، و 40% ما زالت بحاجة ماسة لتطوير ادواتها الدفاعية ضد مثل هذه الهجمات.
في مقال سابق (الحرب الالكترونية واقع .. الجيش الالكتروني ضرورة) تطرقت لواقع خطورة الحروب الالكترونية في عصرنا الحالي، وانها إذا اتحدت مع الحروب الإعلامية اخترقت عقول الشعوب قبل أنظمتها، وهذا ما دعا كثيرا من دول العالم الى الالتفات بشكل سريع لتوحيد جهودها في الأمن السيبراني من خلال تطوير خطة استراتيجية وطنية لأمن العلومات تحتوي على خطوات تنفيذية وأنظمة قانونية ودراسات تطويرية. هذه الأزمة لها أكثر من جانب أهمها قلة الكوادر المتخصصة في هذا المجال. أذكر في احد المؤتمرات الأمنية تم طرح سؤال "هل المرأة المتخصصة في أمن المعلومات تلقى فرص متساوية مع الرجل في مجال العمل؟" وكان الرد ان هذا التخصص بالتحديد فيه شح ولن تنظر الشركة الموظفة إذا كان المتقدم للوظيفة امرأة او رجلا بقدر حرصها على المؤهلات والمهارات العالية. إن الجانب البحثي التطويري كذلك مهم، فالهجمات الالكترونية والتي على الأغلب يكون أساسها فايروسات مستوحاة من فايروس سابق او ثغرة اُعلن عنها ولم يتم سدها كما حصل مع فايروس الفدية WannaCry ، فالتركيز على دراسة الوضع الحالي وتحليله في العالم يساهم بشكل كبير في التصدي للهجمات المستقبلية او على الأقل التقليل من ضررها. ولا ننسى أهمية الجانب التوعوي والتثقيفي، فقد تتلاشت فائدة صرف مئات الملايين على برامج حماية الأنظمة إذا كان مستخدم النظام يفتقر لأقل أساسيات الوعي الالكتروني ويكون مدخلا سهلا للهجمات الالكترونية.
إنشاء الهيئة الوطنية للأمن السيبراني في السعودية خطوة جبارة لتوحيد جهود أمن المعلومات تحت مظلة واحدة ودليل قوي على وعي مملكتنا العالي بخطورة الوضع، فالعالم أجمع يمر بهذه الأزمة ويتعرض لهجمات يومية يعارك في صدها وتلافي ضررها بشكل مستمر. والحكمة الأكبر تكمن في ان الهيئة تجمع أهم قطاعات الدولة الأمنية في مكان واحد (وزارة الدفاع، وزارة الداخلية، الاستخبارات العامة، ورئاسة أمن الدولة) لأن باتحادهم قوة ورسالة واضحة لأهمية القطاع، ما يعطي المواطن المزيد من الاحساس بالثقة والأمان لوجود مثل هذه الهيئة التي ستكون الذراع الحامية للبلد ضد الهجمات الالكترونية والمصدر الأول للسياسات والقوانين الأمنية.
طموحي وأملي من الهيئة الوطنية للأمن السيبراني ليس فقط توحيد الجهود داخلياً ودعم البنية الوطنية تقنياً ، وانما بوضع مملكتنا الغالية في مصاف الدول المتميزة في أمن المعلومات عالمياً. فنحن مسلحون بجميع الأدوات المؤهلة لذلك وكل ما نحتاجه هو مثل هذه الهيئة تكون داعمة للفكر العالمي قبل المحلي.
7:44 دقيقه
TT
الهيئة الوطنية للأمن السيبراني دليل على الوعي وإثبات للقوة
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة